حسين عبد الله: الإخفاق التّام للبحرين في مجال حقوق الإنسان: ممّ يخشى الغرب؟

2015-01-31 - 8:46 م

حسين عبدالله، ميدل إيست آي
ترجمة: مرآة البحرين

مع مضي بريطانيا قُدمًا في خططها لبناء منشأة عسكرية دائمة، خفّفت من نقدها للحكومة البحرينية.

في 20 يناير/كانون الثاني، سيمثل نبيل رجب-وهو ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان-أمام المحكمة في المنامة بعد أن اعتبرت الحكومة البحرينية أنّ تعليقاته على موقع تويتر "مسيئة إلى المؤسسات الحكومية".

قد يُحكم على رجب الذي اعتقل في أكتوبر/تشرين الأول عام 2014 بالسجن لمدّة تصل إلى ست سنوات في ظل قوانين الإرهاب القاسية على خلفية جريمته المزعومة. وردًّا على ذلك، امتلأ فضاء المجتمع الدولي بالبيانات المستنكرة. أكثر من 100 منظمة غير حكومية شاركت حكومات الولايات المتحدة والنروج وفرنسا وإيرلندا، وكذلك رئيس البرلمان الأوروبي، و13 نائبًا بريطانيًا، و59 عضوًا في البرلمان الأوروبي والمفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في استنكارهم العلني لاعتقال رجب ومطالبتهم بالإفراج الفوري عنه.

ومن السهل إدراك سبب إثارة قضية رجب هذه الموجة من الإدانة في المجتمع الدولي. يتمتّع رجب بشخصية يمكن للغربيين تفهّمها. فهو ذائع الصيت، لا ينتهج نهجًا سياسيًا أو دينيًا، وبعيد كل البعد عن العنف. ويتردّد صدى رسالته المطالبة بحقوق الإنسان والتمثيل الحكومي في عمق العالم الغربي، ممّا يجعل من الصّعب على المنظمات غير الحكومية التزام الصمت بخصوص سياسة البحرين غير المتساهلة أبدًا مع المعارضة السلمية.

ولكن في حين يلاقي رجب تعاطفًا في أوساط مجتمع حقوق الإنسان الدولي وبعض الحكومات الغربية، فإنّه لا يحظى إلّا بالقليل من الدعم من حليفتي البحرين السياسيتين الأساسيتين في الغرب. وفضلًا عن دعوات محدودة للإفراج عن رجب، لم تضغط الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة على حكومة البحرين، في الواقع، لضمان إطلاق سراحه. لذا، فإنّ خمودًا مماثلًا عند دولتين بارزتين في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان يتعارض مباشرةً مع أجندتهما المزعومة في مجال حقوق الإنسان.

وبالنسبة إلى الولايات المتّحدة، يبدو أنّ تهدئة العلاقة مؤخرًا بين واشنطن والمنامة لجمت رغبة الولايات المتحدة في اتّخاذ أي خطوة. وعقب توغّل روسيا في جزيرة القرم في وقت سابق من هذا العام، فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات قاسية على موسكو. توقّعت واشنطن من حلفائها الالتزام بقواعدها، ولكن البحرين كان لديها خطط أخرى، إذ عزّزت علاقاتها الدبلوماسية والعسكرية والتجارية مع روسيا متحدّيةً حليفتها الغربية. ولم تتساهل البحرين مع ما اعتبرته "تدخلًا" أمريكيًا في شؤونها الداخلية، فطردت مساعد وزير الخارجية الأمريكي من البلاد بسبب اجتماعه بأعضاء من الجمعية المعارضة البارزة من دون حضور ممثّل عن لحكومة البحرينية، ورفضت طلب تأشيرة دخول لعضو في الكونغرس الأمريكي إلى المملكة.

وردًا على هذه الإهانات الدبلوماسية، لزمت واشنطن الصمت غالبًا. وبما أنّ الولايات المتحدة تصب جل اهتمامها على الحفاظ على تحالف دولي في الحرب ضد داعش، يبدو أنّ واشنطن متردّدة في طلب المزيد من المنامة، لا سيّما في ما يتعلّق بإطلاق سراح مجرّد ناشط في مجال حقوق الإنسان. ومما يثير السخرية هو أنّ التغريدة نفسها التي اعتُقل رجب بسببها تتعلّق بداعش، إذ قال إنّ "الكثير من الرّجال البحرينيين الذين انضمّوا إلى #الإرهاب و #داعش أتوا من أجهزة الأمن وتلك الأجهزة هي الحاضنة الأولى لهذه العقيدة."

والمملكة المتّحدة خاضعة لأكبر ضغط سياسي للالتزام بالصمت بخصوص قضايا حقوق الإنسان في البحرين. وعلى الرغم من معارضة لندن للنفوذ الروسي في البحرين، إلّا أن هذه العلاقة النامية لا تعني الكثير بالنّسبة لها. بدلًا من ذلك، تجد بريطانيا أنّ القاعدة البحرية المعلن عنها مؤخرًا أكثر أهمية. فالقاعدة البحرية مهمة بالنسبة إلى الوجود العسكري البريطاني في المنطقة، وتمثّل دعمّا كبيرًا من شأنه تعزيز سمعتها: بريطانيا لم تحافظ على وجود عسكري دائم في الخليج منذ 40 عامًا. مع ذلك، يبدو أنّ ظهور القاعدة البحرية وضع حدًا بارزًا لحرية المملكة المتّحدة في التعبير عن انتقاداتها. وفي حين تواصل بريطانيا خطط تشييد المنشأة العسكرية الدائمة، قلّصت الحجكومة البريطانية من نقدها للحكومة البحرينية إلى حد تجاهلها، عمليًّا، اعتقال رجب.

ويظهر أنّ المملكة المتّحدة مستعدّة لتجاهل قوانينها الوطنية الخاصّة في خدمة البحرين. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2014، سحبت المحاكم البريطانية الحصانة الدبلوماسية من ابن ملك البحرين، الأمير ناصر بن حمد آل خليفة، بعد أن ادّعى طالبُ لجوء سياسي في المملكة المتحدة تعرضّه للتعذيب على يد ناصر شخصيًا خلال قمع الحكومة البحرينية للانتفاضة المطالبة بالديمقراطية في العام 2011. وعلى الرغم من مواجهته المحتملة للملاحقة الجنائية على الأراضي البريطانية، ما يزال ناصر يسافر إلى المملكة المتحدة بانتظام، غير قلقٍ ظاهريًا من التهديد بالاعتقال. لذا يبدو أنّ الإعلان عن القاعدة جعل لندن تنتهج سياسة التّملق (تجاه البحرين) وتلتزم الصمت بشأن قضايا حقوق الإنسان. ولذلك، تستحق بريطانيا ضمنيًا اللّوم على تزعزع الاستقرار وتدني احترام حقوق الإنسان في البحرين.

هذا الموقف النابع من الخوف، والذي تحافظ عليه كلٌ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يتحدّى منطق الواقعية السياسية الدولية. ففي حين تتودّد البحرين إلى قوى أخرى، وتهدّد في الغرف المغلقة بوقف بناء القاعدة البحرية البريطانية، يقول الواقع السّياسي إنّ البحرين تحتاج إلى الغرب أكثر من حاجة الغرب إلى البحرين.

العلاقة المتعاظمة بين المنامة وموسكو مقلقة، ولكنّها لا تشكّل إلا تهديدًا بسيطًا. لا يمكن لروسيا، في وضعها المالي والسياسي الحالي، حماية البحرين من إيران أو تأمين الدعم العسكري والاستراتيجي نفسه الذي يوفّره منافسوها. الإهانات الدبلوماسية التي وجّهتها البحرين للولايات المتحدة قد تتوقّف فورًا في حال طلبت واشنطن من حليفتها السابقة الاحترام. أمّا بالنسبة إلى المملكة المتحدة، توفّر القاعدة البحرية دعمًا مهمًّا لدخل البحرين في الوقت الذي تعاني فيه الحكومة اقتصاديًا بسبب تدني أسعار النفط.

وفضلًا عن ذلك، تمثّل القاعدة البحرية البريطانية التزام الغرب بتحالف دائم، وهذا وعد لا يمكن التهاون به في منطقة تعاني اضطرابًا سياسيًا وحالة تطرّف.

ومع تمتع الولايات المتّحدة وبريطانيا بموقع راسخ في البحرين، سيكون فرض الغرب لأجندته السياسية على المنامة أمرًا بمنتهى السهولة. وسيشكّل القيام به مصلحة جيدة للغرب. فمع سجن رجب والشيخ علي سلمان، قائد أكبر جماعة معارضة في البحرين، تخاطر الحكومة بدفع الشريحة غير الممثلة في البلاد إلى المزيد من التطرّف. فممّ يخشى الغرب؟

حسين عبدالله، من أصلٍ بحريني، هو المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين". يعمل حسين أيضًا مع أفراد من المجتمع البحريني الأمريكي على ضمان إيصال صدى أصواتهم إلى مسامع المسؤولين الحكوميين الأمريكيين والرأي العام الأمريكي.

 

 17 يناير/كانون الثاني 2015
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus