أسوشيتد برس: رجل الدين المتشدد في داعش تركي البنعلي يدعم التطرف

2015-01-30 - 11:05 م

باسم مروّة، أسوشيتد برس
ترجمة: مرآة البحرين

تنقل تركي البنعلي في جميع أرجاء الأراضي التي أعلنتها الدولة الإسلامية تحت خلافتها في سوريا والعراق، حاملًا مسدسه على جنبه، مُلقيًا خطبًا نارية، وقد قدّم ابن الثلاثين عامًا في خطبه مبررات دينية لزحف الجماعة الدّموي في المنطقة.

الداعية البحريني الشاب، الذي برز كأحد المُنَظرين المتطرفين البارزين، يُروّج لنموذج عن الإسلام، لم يتم رفضه من قبل السّلطات الدينية الرئيسية فحسب بل أيضًا من قبل رجال الدّين الجهاديين الذين لا يدركون الكثير عن الجيل الجديد من المتشددين.

والبنعلي، صاحب الشّعر الطّويل واللّحية السّوداء، لا يُعَدّ رجل الدّين الأبرز في الجماعة -إذ يعود هذا اللّقب إلى عراقي متحفظ اسمه عبد الله عبد الصّمد- لكنه قد يكون الأكثر ظهورًا، وفقًا لهشام الهاشمي، وهو باحث مقيم في العراق يتابع الجماعات الجهادية عن كثب.

وأضاف الهاشمي، مستخدمًا الإسم العربي المختصر للجماعة أي "داعش"، أن "البنعلي هو فرد ذي أهمية كبيرة في مجلس داعش الديني؛ وأنّه بمثابة السياج الذي يحمي أيديولوجية داعش من الاختراق". وكتب البنعلي أيضًا السيرة الرسمية لزعيم الدولة اٌلإسلامية، أبو بكر البغدادي.

ألقى الداعية الشاب محاضرات وتواصل مع مناصريه ومنتقديه من خلال الإنترنت. وقال مقاتل في جماعة الدولة الإسلامية، اشترط عدم ذكر اسمه في حديث إلى الأسوشيتد برس لعدم كونه المتحدث الرسمي باسم الجماعة، إن بلاغات البنعلي وتصريحاته تُطبَع وتُوَزّع في مناطق واقعة تحت سيطرة الجماعة.

ينحدر البنعلي من عائلة بحرينية عريقة وقد نشأ ليصبح شخصية معروفة في الحركة السّلفية المحافظة المتشددة في هذه الجزيرة الصغيرة. ووفقًا لسيرته التي كتبها الجهادي الأسترالي محمد محمود، تابع البنعلي الدّراسة لفترة في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي غير أنه رُحِِّل منها بسبب أيديولوجيته. وذكرت مواقع جهادية أن البنعلي تابع دراسته في جامعات إسلامية في البحرين وبيروت قبل سفره إلى سوريا العام الماضي وانضمامه إلى جماعة الدولة الإسلامية.

وفي صورة نُشِرت على مواقع جهادية، ظهر البنعلي داخل مسجد في الموصل، شمال العراق، في يوليو/ تموز، مرتديًا عباءةً بيضاء وعمامة متقلدًا مسدسه، وهو يخطب بعشرات المصلّين والمقاتلين الجهاديين.

في مسيرتها العابرة للمنطقة، ذبحت الدّولة الإسلامية مئات الأسرى، وبالأخص جنودًا سوريين وعراقيين، عارضة رؤوسهم أحيانًا في الساحات العامة. وقد برّر رجال الدين في الجماعة الإسلامية هذه التصرفات مستشهدين بآية من القرآن: [فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ] .

وقطعت الجماعة المتطرفة أيضًا رأسي صحافيين أمريكيين وعاملي إغاثة بريطانيين وآخر أمريكي. وقدّمت أعمال القتل هذه على أنّها ردّ على الهجمات الجوية بقيادة الولايات المتحدة وقالت إنها كانت محقة في قطع رؤوس الأسرى الخمس لأنهم دخلوا من دون اتفاقية حماية إلى منطقة يسيطر عليها المتطرفون. وقد حصل صحافي ألماني على حماية مماثلة وسُمح له بإعداد تقرير عن الجماعة العام الماضي قبل أن يعود سالمًا.

وقدّم البنعلي بنفسه مبررات دينية لاستعباد مئات النساء العراقيات من الأقلية الأيزيدية.

وقال، في منتدى على الإنترنت، إنّه "لا شك أن استعباد نساء المحاربين الكفار" أمرٌ مسموحٌ به، وأشار بذلك إلى رأي ديني لعالم في القرن الثالث عشر يفيد بأنه "من غير المسموح قتل النساء والأطفال في وقت الحرب ولكنهم يُصبِحون عبيدًا للمسلمين".

دانت السلطات الإسلامية البارزة أعمال جماعة الدولة الإسلامية الوحشية ورفضت خليفتها المزعوم، واصفةً إياه بغير الشرعي بسبب إعلان خلافته من طرفٍ واحدٍ من دون موافقة رجال الدين المعتمدين، غير أن لا أهمية كبيرة لانتقاد مماثل بالنسبة للمُحاربين الذين يرون في السلطات الدينية الرئيسية أدوات للدول الاستبدادية في المنطقة.

معارضة الجهاديين المخضرمين، بمن فيهم بعض المرتبطين على نحو وثيق بالقاعدة، هي الأكثر إشكالًا. انشقت جماعة الدولة الإسلامية عن الشبكة العالمية التي أسسها الراحل أسامة بن لادن في العام 2013 بسبب صدع أيديولوجي، وحاربت تنظيم القاعدة في سوريا.

من جهته، دان أبو محمد المقدسي، وهو رجل دين أردني كان في الماضي مرشِدًا لأبي مصعب الزّرقاوي، رئيس القاعدة المقتول في العراق، وحشية جماعة الدولة الإسلامية. ووصف أبو قتادة، وهو داعية أردني متطرف رُحٍّل من بريطانيا، أعضاء جماعة الدولة الإسلامية بالـ "مجرمين". وبدوره، رفض فرع تنظيم القاعدة في اليمن بشكل واضح قطع رؤوس الأسرى.

ولكن عندما يتعلق الأمر بتجنيد جيلٍ جديدٍ من المتطرفين، فلطالما كان الدّعم الذي تحظى به جماعة الدولة الإسلامية مرتكزًا على نشاطها البارز على الإنترنت ونجاحاتها في ساحات المعركة.

وقال أيمن التّميمي، وهو خبير بشؤون الجهاديين في سورية والعراق، إنه "يوجد بالتأكيد قضية انقسام بين الأجيال: وهي أنّ الدولة الإسلامية تجذب المثقفين والمقاتلين الأينع سنًا".

ردّ البنعلي على منتقديه الرئيسيين، معترضًا على مقارنة الدّولة الإسلامية، على نطاق واسع، بالخوارج؛ وهي جماعة إسلامية قديمة اعتبرها الجيل اللّاحق من العلماء متطرفة جدًا كما لو أنّها ارتدّت عن الدين.

ولكن وفقًا لما ورد على حساب مجهول على تويتر باسم "ويكلكس دولة البغدادي" wikibaghdady@ وهو حساب ينشر غالبًا معلومات داخلية عن الجماعة، حذّر البنعلي مؤخرًا، أي في نوفمبر/ تشرين الثّاني، قيادة حركته من مواجهتها "انهيارًا بطيئًا" ما لم يكن في مركبها رجال دين متطرفون معروفون جدًا .

لا يوجد تأكيد مستقل لتقارير حساب "ويكلكس دولة البغدادي" ، لكن رضوان مرتضى، الخبير بشؤون الجماعات الجهادية والكاتب في جريدة الأخبار اللبنانية اليومية، يقول إنه يؤمن بأن هذه التقارير دقيقة إلى حدّ كبير.

ووفقًا للحساب ذاته، بعد نداء البنعلي، أعطته القيادة الضوء الأخضر للتقرب من رجال دين في الأردن والسعودية والمغرب واليمن وأماكن أخرى لمحاولة اجتذابهم وإقناعهم بالمجيء إلى مناطق تسيطر عليها جماعة الدولة الإسلامية والاستقرار فيها.

وقال الحساب إن رجال الدين، الذين لم تُذكر أسماؤهم، رفضوا العرض.

ساهمت في هذا التقرير الكاتبة في أسوشيتد برس، ريم خليفة من المنامة، البحرين.

28 يناير/ كانون الثاني 2015
النص الأصلي 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus