لوبلوغ: مطر مطر: الولايات المتحدة تفشل في الضغط على البحرين

2015-01-24 - 6:55 م

مطر مطر، موقع لوبلوغ

ترجمة: مرآة البحرين

البحرين، التي تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس، حليفةٌ أساسيّةٌ للولايات المتّحدة في حربها على تنظيم داعش. هي جزيرة ذات نظام ملكي مستبد لا يزال يواصل حملة القمع ضد المعارضة المطالبة بالديمقراطية. تدّعي الحكومة الأمريكية أنّها لا تملك النفوذ الكافي للتأثير على سياسة البحرين المتعلّقة بحقوق الإنسان. وفي الحقيقة، واشنطن تمتنع، ببساطة، عن استخدام نفوذها، خوفًا من تعريض تحالفها العسكري للخطر.

فعلى سبيل المثال، لم تعلن الحكومة الأمريكية عن موقفها بشكل قوّي وفعّال بما فيه الكفاية عقب اعتقال قادة بارزين في المعارضة البحرينية وناشطين في مجال حقوق الإنسان، كرئيس أكبر تيّار سياسي معارض، جمعية الوفاق، (الشيخ علي سلمان، اعتُقل في 27 ديسمبر/كانون الأوّل 2014) أو رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان (نبيل رجب، الذي اعتُقل في العام 2012 ومجدّدًا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي).

ألقي القبض على هذين الرجلين لأنّهما، بشكل أساسي، عبّروا عن تأييدهم لتصريحات للرئيس الأمريكي أوباما والحكومة الأمريكية منذ انطلاق الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية عام 2011. فشل واشنطن في الرد بشكل مناسب، في حالات كهذه، شجّع السلطات البحرينية، لا محالة، على اعتقال جميل كاظم في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع. وقد حُكم على النائب السابق وأحد كبار قياديي الوفاق بأقصى عقوبة، وهي السجن لمدّة ستّة أشهر ودفع غرامة مالية تبلغ قيمتها 1300 دولار أمريكي، على خلفية تغريدة نشرها على موقع تويتر زعم فيها أنّ السلطات كانت تعرض المال على المرشّحين لتشجيعهم على الدخول في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني.

ولم تبذل الحكومة الأمريكية الكثير من الجهد من أجل تقي الميدان، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، فهو مدان بمحاولة قتل شرطي عام 2013. والآن يمضي في البحرين حكمًا بالسجن لمدّة عشر سنوات. ويزعم تقي أنّ قوّات الأمن البحرينية أجبرته على الاعتراف كذبًا من جرّاء التعذيب وأنّه لم يشارك، إطلاقًا، في الاحتجاج الذي حدث فيه الاعتداء حسب زعمهم. لقد كانت الحكومة الأمريكية على اتّصالٍ بالسلطات البحرينية وقدّمت خدماتها القنصلية لتقي، ولكن لم ترفع واشنطن القضية باعتبارها انتهاكًا مرجّحًا لحقوق الإنسان بحق أحد مواطنيها.

قضية الشيخ سلمان

تستحسن السلطات البحرينية استخدام الأعياد الغربية من أجل صرف الانتباه عن الأزمات السياسية المحلية وانتهاكات حقوق الإنسان. ففي العام 2011، مثلًا، نشرت الحكومة البحرينية نتائج تحقيق اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق خلال عيد الشكر. وفي هذه المرّة، بينما كان العالم منشغلًا باحتفالات عيد الميلاد، اعتقلت الحكومة الشيخ سلمان، الذي كان قد سبق وانتخب مجدّدًا أمينًا عامًا على جمعية الوفاق، في أعقاب مقاطعة الجمعية للانتخابات البرلمانية في نوفمبر/تشرين الثاني.

وعلى الرغم من توقيته، فقد أثار اعتقال الشيخ سلمان تغطية إعلامية واسعة، وأصدرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بيانًا تحث فيه البحرين على "الإفراج الفوري عنه، وعن أشخاص آخرين مدانين أو معتقلين لمجرّد ممارسة حقّين من حقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمّع".

ووفقًا لمحاميه، ركّز التحقيق مع الشيخ سلمان على نشاطه السياسي ونقده للحكومة. وتمّ أيضًا استجوابه مطوّلًا، استنادًا إلى محامي الدفاع، عن مطالبته بافتتاح مكتب دائم للمفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة الأمم المتحدة في البحرين خلال مناسبة عامّة في سبتمبر/أيلول. الاتّهامات النهائية التي نشرها مكتب المدعي العام في 30 ديسمبر/كانون الأول، زعمت، من بين أمور عدّة، أنّ الشيخ سلمان كان يسعى إلى الإطاحة بالنظام الحاكم "بالقوّة" مستعينًا بقوى خارجية (رغم ذلك، فهذا الجزء من البيان لم تتضمّنه النسخة الإنغليزية الصادرة من البيان الصحفي حول اعتقاله).

تجريم إنشاء علاقات دولية

من المهم تحديد الدوافع الحقيقية وراء اعتقال الشيخ سلمان ومحاكمته المقرّرة. لم يعد من المعقول سياسيًّا اتّهام شخصية سياسية معارضة بالتواصل مع إيران، خاصّة أنّ السلطات البحرينية لم تستطع تقديم أي أدلّة على قيام قادة المعارضة (المعتقلين أو الأحرار) بذلك بنية الإطاحة بالنظام. وبدلًا من ذلك، تستهدف السلطات البحرينية شخصيات المعارضة الذين أجروا اتّصالات عن وضع حقوق الإنسان والمناخ السياسي المتدهور داخل المملكة مع الولايات المتحدة أو حكومات غربية أخرى، أو منظمات دولية غير حكومية، أو منظمات الأمم المتحدة.

وقد وجّهت السلطات هذه التهمة تحديدًا إلى قياديي الوفاق البلديين، الذين طردوا من وظائفهم ومن ثمّ أُدينوا، حسب زعم الحكومة، بالسعي إلى استدعاء تدخّل دولي في البحرين من خلال توقيع رسالة مبعوثة إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون. وعلى هذا النحو، تمّ تهديد المدافعين عن حقوق الإنسان الذين شاركوا في الاستعراض الدوري الشامل في جنيف تحت هذه السياسة، ممّا دفع "بان" نفسه إلى استنكار الردود الانتقامية الموجّهة له.

وأصدرت البحرين مؤخرًا قانونا يحظر على الجمعيات السياسية المحلية الاجتماع بدبلوماسيين أجانب من دون إذن رسمي أو من دون حضور ممثّل عن وزارة الشؤون الخارجية. وأثار هذا القانون موجة من الاحتجاجات، بما في ذلك اعتراضاتٍ من قبل وزارة الخارجية الأمريكية. واستخدمت السلطات البحرينية هذا القانون لطرد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون حقوق الإنسان، توم مالينوسكي، في يوليو/تموز 2014 عقب لقائه بالشيخ سلمان ومساعده، خليل مرزوق، من دون حضور مسؤول حكومي.

عدم الاكتراث بالغرب

بما أنّ السلطات البحرينية شعرت أنّه لا بد من اعتقال شخصية بارزة خلال موسم عيد الميلاد- ولم تذكر أي اتّهام بالتواصل مع الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة في بيانها- فهذا يعني أنّها لا تزال تكترث بشدّة لرأي الغرب. وتظهر هذه الحساسية أنّه بإمكان الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، بالتحديد، الضغط أكثر على المملكة لتحترم حقوق الإنسان إن كانوا يستطيعون أن يستجمعوا الإرادة السياسية لفعل ذلك.

بصفتها حليفًا مهمًّا خارج حلف شمال الأطلسي وبما أنّها تستضيف الأسطول الخامس، تحتل البحرين موقعًا مهمًّا في استراتيجية واشنطن الجغرافية السياسية في الخليج. ولكن في المقابل، على واشنطن واجب خاص تجاه الشعب البحريني. لا ينبغي أن تستسلم حكومة أوباما في بحثها عن حل حقيقي للأزمة السياسية التي تدمّر البلاد على مر السنوات الأربع الماضية.

وفي مقالٍ يلقي الضوء على فرص التأثير الأمريكي الإيجابي في تغيير الشرق الأوسط، أكّدت دافنا رند، وهي عضو سابق في مجلس الأمن القومي، أنّه "من الساذج للغاية- والسابق لأوانه- التحسّر على تراجع تأثير الولايات المتحدة في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط". على الولايات المتحدة إثبات حقيقة هذا التأكيد من خلال ممارسة نفوذها وتأثيرها حيث أمكنها ذلك-على أقرب حلفائها في المنطقة.

* مطر إبراهيم مطر هو عضو سابق في البرلمان، وكان أصغر نائب بحريني يمثل أكبر دائرة انتخابية فيها.. استقال مطر مطر ضمن ثمانية عشر عضوًا آخرين بجمعية الوفاق السياسية من البرلمان احتجاجًا على قمع الحكومة للمتظاهرين المطالبين بالإصلاح. وخلال انتفاضة 14 فبراير/ شباط، كان مطر متحدثا رسميا للحركة المطالبة بالديمقراطية. ومن ثمّ تمّ اعتقاله بشكل تعسفي وبعد أن أُطلق سراحه، غادر البحرين إلى المنفى في الولايات المتحدة. وفي العام 2012، مُنح "جائزة القادة الديمقراطيين" من مشروع منظمة الشرق الأوسط للديمقراطية.

النص الأصلي

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus