القيادي بالوفاق عبد الجليل خليل لـ"مرآة البحرين": لا اتّصالات مع النظام واعتقال سلمان سيكون لصالح الشعب

2015-01-24 - 2:39 ص

مرآة البحرين (خاص): أكّد القيادي البارز بجمعية الوفاق، عضو الأمانة العامة، ورئيس كتلة الوفاق البرلمانية المستقيلة، عبد الجليل خليل، إن الاتّصالات بين المعارضة والنظام البحريني منقطعة تماما، فيما بعد اعتقال أمين عام جمعية الوفاق، الشيخ علي سلمان.

وتوقّع خليل في حوار مع "مرآة البحرين"، أن تكون هناك تعقيدات أكثر فيما بعد اعتقال الشيخ علي سلمان ورئيس شورى الوفاق سيد جميل كاظم، وأكّد أنه لا توجد بوادر لحل الأزمة، وأن الوضع بدأ ينفلت إلى غير مكان.

وقال خليل إن الدفع في خيار التأزيم، في ظروف اقتصادية سيئة مع انخفاض أسعار النفط ومحدودية الميزانيات سيؤدي حتما إلى انفجار الأوضاع، ورأى أن الانتخابات كانت فرصة لتحقيق اتفاق، ضاعت عندما رفضت السلطة كل المطالب السياسية، وأن ما يجري الآن هي تعقيدات ما بعد ضياع هذه الفرصة، مصنّفا ذلك بمرحلة جديدة من الصراع السياسي تبدو أصعب من السابق، حسب تعبيره.

خليل شدّد على أن هذه الضربات لن تدفع المعارضة إلى التنازل عن مطالبها أو إلى تجميد أنشطتها، مؤكّدا بأن هذه خيارات استراتيجية، وموضّحا بأن خيارات المعارضة لن تشهد أي تبدّل، وأنّها ما زالت متمسّكة ببرنامج العمل السياسي الذي قدّم، لكنه قال إن المعارضة تقوم اليوم بمراجعة في سياق البحث عن مساحات أوسع وأكبر للعمل السياسي، موضّحا أنّ هناك حاجة لدى المعارضة إلى المراجعة وإعادة التموضع.

وحول ما إذا كانت السلطة نجحت في إشغال المعارضة والوفاق باعتقال أمينها العام، قال خليل إن الشيخ علي سلمان كان يطالب بحقوق الشعب البحريني، واليوم الشعب يتحول للإفراج عن الشيخ، ولكنه من خلال ذلك يصدّر مطالبه السياسية، مؤكّدا بقاء العمل السياسي في محوره عند قوى المعارضة، وأن ذلك لن يعكس الآية، معتبرا أن اعتقال الشيخ سيكون لصالح خيار الشعب، لا العكس.

ووصف خليل ردود فعل المجتمع الدولي تجاه التطورات الأخيرة في البحرين بأنّها متفاوتة، وكشف أن هناك دولا تقول إنها تتحرك من خلف الأبواب، في حين رأى بأن واشنطن لم تغيّر رأيها بخصوص البحرين، وأن انضمام الأخيرة إلى التحالف الدولي ضد داعش لم يؤثّر في مواقف واشنطن.

وحول القضية المرفوعة ضد جمعية الوفاق من قبل وزارة العدل، وما إذا كان اعتقال أمينها العام يمكن أن يؤثّر في وضعها القانوني، قال خليل إن الشيخ علي سلمان ما زال الأمين العام للوفاق، موضّحا بأنه انتخب قبل اعتقاله، وأن هذا لن يغيّر في شيء، وقال خليل إنّه من المفترض تنتهي قضيّة الوفاق في جلسة الاستئناف، وأن تسحب وزارة العدل الدعوة، وإذا لم تسحبها فسيكون من الواضح أن وراء المحاكمة أهداف مبطنة، حسبما قال.

وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته "مرآة البحرين"، مع عبد الجليل خليل:

علي سلمان 2

مرآة البحرين: هل اعتقال الشيخ علي سلمان مقدّمة لضرب العمل السياسي في البحرين؟ وهل سنشهد تبدّلا في خيارات المعارضة؟

عبد الجليل خليل: هذه مرحلة تختلف عن المراحل السابقة، على سبيل المثال إذا أخذنا 2011 فهي مرحلة بدأت بالقمع والسجون وهو ما وثق في تقرير بسيوني، بعدها جاءت مرحلة ما سمي بالحوارات بين السلطة والجمعيات السياسية، وهي مرحلة بدأ جزؤها الأول في فبراير 2013 وانتهت في سبتمبر 2013 ، ثم بدأ جزؤها الثاني مع لقاء ولي العهد مطلع 2014، وكان من المفروض أن ننتقل بهذه المرحلة إلى الحوارات الخاصة، وأن تنتج توافقا سياسيا، لكنها انتهت برفض السلطة لكل مطالب الإصلاح السياسية.

المرحلة الثالثة تبدو أصعب، وقد بدأت باعتقال الشيخ علي سلمان في نهاية 2014، والسؤال هنا هل هذه مرحلة ضرب العمل السياسي؟ هل هذه مرحلة تقييد المعارضة؟ هل هي مرحلة حسم للخيارات السياسية؟ معرفة ذلك تحتاج توقف واستشراف للمستقبل.

الوفاق والمعارضة معنية بدراسة هذه المرحلة التي يمكن أن تضعنا على مفترق طرق، ما أستطيع أن أؤكده هو أن المعارضة ما زالت متمسكة بنفس البرنامج الإصلاحي، وما زالت متمسكة بالأسلوب السلمي، وما زالت مصرة على المضي في نفس الخيار، لم يتم تبديل أي خيار، وما زلنا متمسكين ببرنامج العمل السياسي الذي قدّم.

مرآة البحرين: هل هناك اليوم مراجعة لعمل المعارضة؟

عبد الجليل خليل: هذا بدأ بجلسات عصف ذهني تبحث أين أخطأت المعارضة وأين أصابت؟ هذه الحوارات ستستمر بين قوى المعارضة، وأستطيع أن أؤكد أن الاستراتيجيات التي وضعتها المعارضة ما زالت نفسها.

هناك حاجة لدى المعارضة إلى المراجعة وإعادة التموضع، وهناك حاجة إلى إبراز طاقات وإبداعات في عمل المعارضة كله. أتصور أن ذلك مطلوب بحيث يتعزز ويترسخ العمل السياسي في البحرين، هذه الضربات لن تدفع المعارضة إلى التنازل عن مطالبها أو إلى تجميد أنشطتها، وأنا أستطيع أن أؤكد بأن هذه خيارات استراتيجية، لكن نعم يجب أن نبحث عن مساحات أوسع وأكبر للعمل السياسي.

مرآة البحرين: ماذا تريد السلطات من ضرب أعمدة الوفاق؟ هل هي سياسة يراد منها شل الوفاق، أو التأثير على هيكلها؟

عبد الجليل خليل: الاعتقالات سياسة قديمة لدى الحكم. ولا شك أن الشيخ علي سلمان قائد لديه حنكة في العمل السياسي وصبر طويل وله تاريخ طويل وشعبية وثقل واضح في المعارضة والشارع البحريني، وكذلك السيد جميل كاظم، صاحب تاريخ طويل يمتد إلى الثمانينات، وصاحب خبرة طويلة في العمل السياسي الناضج، ولا شك أن له تأثير على الساحة، وقد كان الناطق الرسمي باسم قوى المعارضة في الحوار، واعتقاله له تأثير سلبي على قوى المعارضة.

قد تكون عند بعض الأطراف سياسة تقوم على ضرب أعمدة الوفاق، وصولا إلى شل الوفاق. لكن نحن كجمعيات سياسية مصرون على أن تستمر المسيرة. لا يمكن أن نعكس الآية، فالشيخ علي سلمان كان يطالب بحقوق الشعب البحريني، واليوم الشعب يتحول للإفراج عن الشيخ، ولكن هو من خلال ذلك يصدّر مطالبه السياسية.

الاعتقالات من 2011 إلى 2014، هي ضربية العمل السياسي، وبالعكس تماما أستطيع القول بأن اعتقال الشيخ والسيد جميل واعتقال القيادات الأخرى يعزز القناعة بضرورة الاستمرار في العمل السياسي، من أجل أن نصل إلى بلد فيه عدالة حقيقية وشراكة حقيقية.

خليل 2

مرآة البحرين: يقول محللون إن اعتقال الشيخ علي سلمان، هدفه إشغال الوفاق عن المطالب الرئيسية، في أي مفاوضات قادمة، كيف تعلّق؟

عبد الجليل خليل: بند المعتقلين السياسيين كان حاضرا في المفاوضات العلنية والمفاوضات الخاصة، باعتباره جزءا من الحل، وباعتبار هذه الاعتقالات مخالفة لقوانين حقوق الإنسان، وبالتالي هي مشكلة في حد ذاتها، ولا يمكن أن تبدأ بحوار حقيقي في ظل وجود معتقلين سياسيين، وبالتالي المطالبة بالإفراج عنهم ستستمر لأنها من صميم المطالب السياسية.

قد يكون هذا هدف ولكن مجددا لن تنعكس الآية، صحيح أن الشعب يطالب بالإفراج عن الشيخ علي سلمان ولكنه يصدّر بذلك مطالبه، هذا ملف يعبر عن ظلامة الشعب البحريني، مطالب الشعب البحريني تبقى القضية الأساس، وهي في غياب الشراكة الحقيقية في صناعة القرار، هي تبقى في غياب الحريات، والتمييز، والتجنيس، هذا هو محور العمل السياسي، واعتقال الشيخ علي سلمان وقيادات المعارضة من أبرز مصاديق الأزمة. اعتقال الشيخ سيكون لصالح خيار الشعب، لا العكس.

اعتقال الشيخ علي سلمان أعطى بلا شك صورة واضحة للمجتمع الدولي عن مسار الأزمة. حين تعتقل شابا صغيرا غير معروف فالجميع يعتبر ذلك ظلما، ويطالب بالإفراج عنه، ولكن حين تعتقل قيادة بحجم الشيخ علي سلمان وتتهمه بالترويج لقلب نظام الحكم في الوقت الذي كان يعمل ويروج للعمل السلمي منذ العام 1992، فهذا أكبر مثال يوضح حجم الظلم في البحرين.

مرآة البحرين: هل هناك أية اتصالات مع السلطة؟

عبد الجليل خليل: للآن لا توجد أي اتصالات، ولا توجد بوادر لحل الأزمة، بالرغم من أن الدفع في خيار التأزيم ليس في صالح أي أحد، بمعنى أن المزيد من الاعتقالات، والمزيد من المضي في الخيار الأمني، يدفع إلى انفجار الأوضاع، وفي ظل انخفاض أسعار النفط ومحدودية الميزانيات ستزيد الأعباء المالية أيضا على الشعب البحريني، وهذا سيؤدي حتما إلى الانفجارات السياسية، وهو ما لا يجب أن يسعى إليه أي شخص مخلص يريد للبحرين الاستقرار.

مرآة البحرين: إذن الأمور في طريقها للتصعيد؟

عبد الجليل خليل: أنا أتوقع أن تكون هناك تعقيدات أكثر ولكن لا يجب أن نهوّل أو نخاف. الانتخابات كانت فرصة لاتفاق وإصلاح حقيقي كان ممكن أن نبدأ به، فيما لو وافق عليه الشعب البحريني، هذه الفرصة ضاعت عندما رفضت السلطة كل المطالب السياسية. الآن هذه تعقيدات ما بعد ضياع هذه الفرصة، ولذلك صنّفتها في مرحلة لوحدها.

مرآة البحرين: ماذا عن الدور الدولي؟

عبد الجليل خليل: ردود فعل المجتمع الدولي متفاوتة. هناك دول أصدرت بيانات علنية وهي تقول إنها تتحرك من خلف الأبواب، وهناك دول رغم ضعف نفوذها في البحرين لكنها أصدرت بيانات واضحة طالبت بالإفراج عن الشيخ علي سلمان وبدء حوار سياسي، وهناك دول صامتة.

نحن على تواصل مع المجتمع الدولي لوضعه في الصورة، بعد اعتقال الشيخ علي سلمان، باعتباره جزءا من العمل السياسي الذي سيظل مستمرا ليس فقط من أجل المطالبة بالإفراج عن الشيخ علي سلمان وبقية المعتقلين السياسيين، ولكن من أجل تحقيق المطالب السياسية.

مرآة البحرين: ماذا عن واشنطن تحديدا، هناك من يقول إن موقفها خفّت حدّته بعد انضمام البحرين إلى التحالف الدولي ضد داعش؟

عبد الجليل خليل: لا أعتقد أن واشنطن غيّرت رأيها بخصوص البحرين. أنا أعتقد أن استقرار البحرين مهم لواشنطن، وهي تعي أن انزلاق الأوضاع إلى خيارات غير محسوبة سيفقد البحرين استقرارها، وسيؤثر على مصالح الدول الأخرى، لذا من مصلحة الجميع أن يكون هناك استقرار، وسعي من أجل عملية احتواء هذه الأزمات ووضع حلول سياسية لها.

مرآة البحرين: هل يمكن أن تكون الخطوة القادمة إغلاق جمعية الوفاق؟

عبد الجليل خليل: الحكم الذي سيصدر في جلسة الاستئناف في القضية المرفوعة من وزارة العدل ضد الجمعية سيكون مؤشرا على المسار الذي تتّجه إليه الأمور، وكما استشرفنا من اعتقال الشيخ علي والسيد جميل أن الأمور بدأت تتعقد وأن الوضع بدأ ينفلت إلى غير مكان، فإن غيرها من المحطات ستوضّح الأمور أكثر.

لا أستطيع أن أجزم حاليا لكن الأمور هي في الاتجاه التأزيمي والهروب من الحل. ربما لا تتجه السلطات إلى إغلاق الجمعية، ولكن ضرب شخوص وقيادات الجمعيات يصب في هذه الخانة، هو خلط للأوراق ومحاولة لإشغال القوى السياسية، وتضعيف العمل السياسي في البحرين، وإضافة ملفات إلى الأزمة، وهو ما لن يحل الصراع السياسي أبدا، بل سيؤدّي به إلى مزيد من الانفجار حتما.

مرآة البحرين: ما هو وضع الوفاق القانوني الآن؟ وهل يمكن أن يؤثر اعتقال الأمين العام عليه، على غرار ما حدث مع جمعية وعد؟

عبد الجليل خليل: ما زال الشيخ علي هو الأمين العام، الشيخ انتخب قبل اعتقاله، ولن يغير هذا في شيء.

نحن في الوفاق استوفينا كل ما هو مطلوب، ورغم أننا كنا واثقين من سلامة مؤتمراتنا العامة التي جرت سابقا، مع ذلك ذهبنا إلى الانتخابات، لأننا لا نريد أن ننشغل بمعارك جانبية. بوصلتنا واضحة وهي الإصلاح السياسي، قمنا بالإجراءات وقدمنا تقريرنا لوزارة العدل، وحسب القانون ليس علينا أن ننتظر ردا منهم، ولكن المفروض أن تنتهي القضية في جلسة الاستئناف، وأن تسحب وزارة العدل الدعوة، وإذا لم تسحبها فسيكون من الواضح أن وراء المحاكمة أهدافا مبطنة.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus