وزير خارجية البحرين راقصاً مع نظرائه من ذئاب الإرهاب
يوسف سلمان يوسف - 2015-01-16 - 7:13 م
يوسف سلمان يوسف*
حزم وزير خارجية البحرين حقائبه وطار إلى باريس ليشارك في المسيرة الحاشدة، التي دعا إليها الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند"، تنديدًا بالإرهاب، وذلك بتاريخ 11 يناير 2015، في أعقاب الاعتداء على صحيفة " شارلي ايبدو" الساخرة في 7 يناير، التي قضى فيها 12 من الكادر الصحفي والفني بالصحيفة، منهم مدير التحرير وأربعة من رسامي الكاريكاتير الكبار، إلى جانب العديد من المصابين.
لقد تعشم وزير خارجية البحرين عناء السفر تضامنًا مع الشعب الفرنسي، الذي تعرض لعمل إرهابي من خلال صحيفة دأبت منذ عام 2006 على نشر الرسوم الاستفزازية لمشاعر 1,2 مليار من البشر على امتداد كوكب الأرض، ومنهم شعبه. لقد نسي هذا الوزير أن شعبه قد عانى من إرهاب قبيلته وغطرستها وعنجهيتها منذ قرابة أربعة أعوام، دون التذكير بما فعلته طوال تاريخها القمعي والدموي، الذي يمتد إلى 230 سنة، بشعب أعزل غلب على أمره وذاق ألوان العذاب والتنكيل علي يديها، منذ أن دخلت قبيلته الجزيرة بالغزو والإرهاب.
ذهب يمشي في مسيرة مليونية يتقدمها 50 من القادة في العالم، جلهم من الإرهابيين وداعمي الإرهاب، وعلى رأسهم رئيس وزراء أكبر كيان إرهابي عرفه التاريخ "بنيامين نتنياهو"، الذي يضيف كل يوم رقمًا جديدًا إلى رصيده الإرهابي الطويل بحق شعب عربي آخر مغلوب على أمره، منذ أكثر من ستين سنة، مرورًا برئيس وزراء تركيا "أحمد داوود أوغلو" الذي أضحت بلاده أكبر حاضنة للإرهاب العابر للحدود في العالم، وكذلك رئيس الدولة التي وقع فيها الحدث محور المسيرة المليونية "فرانسوا هولاند" الذي حوّل بلاده إلى رأس الحربة الأوروبية الداعمة للإرهاب، وأبدى استعدادًا لا نظير له لإسناده ومحاربة بلدان وقعت ضحية للإرهاب المدعوم من قبله، إضافة إلى جوقة الداعمين والصانعين للإرهاب من الغرب والشرق، حتى بدت المسيرة كأكبر تجمع لصانعي وداعمي الإرهاب جرى في التاريخ. كلهم يحاولون الظهور بمظهر ضحايا الإرهاب، في أكبر عملية تضليل وتزييف للوعي العام العالمي، وما هم بضحاياه وإنما هم مرتكبيه وصانعيه والمتورطين فيه حتى أخماص أقدامهم.
الوزير البحريني انضم إلى هؤلاء جميعًا في المسيرة الباريسية متثاقلًا بقدميه اللتين تحملان جسمه المترهل الثقيل، وسار معهم متحاملًا طوال المسيرة حتى ساحة الجمهورية. لا يختلف هو ولا حكومة قبيلته عمن سار معه من قادة العالم، فكلهم غذوا الإرهاب وسقوه من أموال شعوبهم المسلوبة، وسهلوا له تحركاته وضرباته وعملياته، حتى تمكن واستشرى وأصبح يستنزف دماء الأبرياء يوميًا، على امتداد رقعة جغرافية واسعة من العالمين العربي والإسلامي، ولم يحركوا ساكنا ولم يتظاهروا وهم يرون على شاشات التلفزة دماء الأبرياء تنزف بغزارة، لأنهم أرادوا لها أن تنزف ضمن مخططات رسموها وأحكموا صنعها.
فالعالم الذي أرادوا تضليل وعيه العام مدرك اليوم بأن الإرهاب أداة في أيدي الدول الضالعة فيه لتنفيذ أجنداتها السياسية وتغيير معادلات القوة الإقليمية والدولية، وأنهم لا يتورعون عن تدمير بلدان بأكملها، وهدمها على رؤوس شعوبها، وحمل هؤلاء على التحول إلى نازحين ولاجئين في بلدان قريبة أو في المهاجر البعيدة، و جعل دمائها تنزف مدرارةً في سبيل مآرب سياسية أو مصالح اقتصادية، أو حتى إرضاءً لضغائن شخصية. فالإرهاب اليوم وسيلة للوصول إلى الغايات المرسومة، التي في رأيهم تبرر هذه الوسيلة، رغم انحدارها وانحطاطها الأخلاقي والسياسي. فالذين ساروا في المسيرة الغفيرة من القادة هم من أكثر المنافقين نفاقًا، ويكفي أنهم جاءوا للتنديد بالإرهاب وهم مدركون تمامًا أنهم جاءوا للتنديد بأنفسهم وسياساتهم واستخدامهم لأكثر الوسائل انحطاطًا في سبيل بلوغ مآربهم وأغراضهم التي تشمئز منها النفوس السوية.
لقد شارك في المسيرة هذا الوزير البحريني الذي اتهم المقاومين الحقيقيين بالإرهاب، وهم المقاومون الذين رفعوا رأس أمة من مستنقع الذل والهوان، الذي هو وقبيلته غارقون فيه حتى أذقانهم. فمن أين يعرف هذا الوزير وقبيلته المعاني السامية للمقاومة، التي وصفها بالإرهاب، وهو وقبيلته من يمارسون إرهابًا يوميا على شعبهم؟ ألم تغرق حكومة قبيلته قرى شعبها بسحب الموت من الغازات السامة وتمطر الأهالي بأنواع الرصاص الانشطاري والمطاطي والحي؟ ألم تملا السجون من المعتقلين حتى اكتظت بهم الزنزانات والممرات بأكثر مما تستوعب، ومارست شتى أنواع التعذيب والمعاملة القاسية والحاطة بالكرامة في حقهم؟ ألم تفصل وتقطع الأرزاق وتترك عوائل وأطفال دون معيل؟ الم تقتل بدم بارد بالرصاص الحي والدهس بالسيارات رباعية الدفع وتحيل أجساد فتيان شعبها الغضة إلى أشلاء مبعثرة؟ ألم تمارس حكومة قبيلته إرهابًا إعلاميًا مستخدمة لغة تحريضية مقيتة؟ ألم تجلب حكومة قبيلته المرتزقة من شذاد الأفاق وتجنسهم وتفضلهم على شعبها الأصيل، مستخدمة الإقصاء وإسقاط الجنسية وسائل لاستكمال مخطط تغيير شعبها بشعب مستورد؟
فمن حيث الإرهاب فانه وقبيلته يتماهيان مع جميع الإرهابيين وداعمي الإرهاب الذين شاركوا في مسيرة إدانة الإرهاب بباريس. لقد جاء لإدانة الإرهاب، وهو يعلم أنه جاء لإدانة نفسه وإدانة قبيلته وحكومتها، فهم يقفون على رأس الإرهاب شأنهم شان جميع الإرهابيين وداعمي الإرهاب المشاركين في مسيرة باريس المنددة بالإرهاب، وما نددوا إلا بأنفسهم لأنهم أكبر صانعي وداعمي الإرهاب في العالم اليوم. لقد شارك في مسيرة الإرهاب الباريسية، وكل ما فعله ـأنه سار ورقص في باريس مع ذئاب الإرهاب العالمي.
* كاتب بحريني.