ذاكرة 2014: فشل الانتخابات البرلمانية

2015-01-08 - 2:10 ص

مرآة البحرين (خاص): أظهرت تقديرات أن نسبة المشاركة في أول انتخابات برلمانية كاملة تجرى منذ انطلاق ثورة 14 فبراير، لم تتجاوز 35٪، بعد قرار بالمقاطعة، أجمعت عليها كل القوى والحركات السياسية الثورية.

أفق الحل السياسي بدا مسدودا مع إعلان موعد الانتخابات، دون أن يكون هناك أدنى تغيّر في مواقف النظام، أو أي احتمال للتفاوض على تسويات سياسية ممكنة، وعليه قرّرت جميع الأطراف الفاعلة في هذا الصراع المضي قدما حتى النهاية.

ودان البرلمان الأوروبي موقفا أصدره سفراء إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا في البحرين عبروا فيه عن إحباطهم من مقاطعة المعارضة للانتخابات، في حين ردت المعارضة بالقول إن "هذا الموقف يتعارض مع مواقف سابقة لدولهم أكدت على الحاجة لحوار يفضي إلى حلول سياسية حقيقية".

وعلى النقيض من ذلك رأى المرشح لمنصب السفير الأمريكي وليام روبوك أن التسوية السياسية الناجحة هي ما سيسمح للجمعيات المعارضة بالمشاركة في الانتخابات، في حين وصف الضابط السابق في الاستخبارات الأمريكية إميل نخلة الانتخابات بأنها "مزيفة وتتجاهل دعوات الإصلاح".

وعلى الرغم من إعلان الحكومة قبل أيام من الانتخابات أنها تدرس حرمان المقاطعين من الخدمات الحكومية، إلا أنها لم تنجح في دفعهم للمشاركة، فضلا عن أنّها فشلت في منع مظاهر الاحتجاج يوم الاقتراع.

استمات النظام بكل أساليب الترغيب والترهيب والتضليل، في الضغط على الناس (سنّة وشيعة) للمشاركة في الانتخابات: وثيقة أعيان، تهديدات، شتائم، فبركات، جوائز، رسائل إلى البيوت، وأخرى على الهواتف. رسائل وزير العدل التي بعثها إلى المنازل عنونت بأسماء جميع من يفترض أن يحق لهم التصويت، لكنّها وصلت حتى إلى الشهداء والمعتقلين والمطلوبين أمنيا والمسحوبة جنسيتهم كذلك!

وحاولت السلطات فبركة تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول الانتخابات، واستخدامها في تعضيد موقفها، لكن الأمم المتّحدة أصدرت بيانا كذّبتها فيه، ودعت فيه إلى المصالحة والحوار الوطني في البحرين، ومن أبرز أحداث الانتخابات تحويل رئيس شورى الوفاق القيادي جميل كاظم إلى المحاكمة بعد أن كشف أن السلطات تمنح 100 ألف دينار لمن يترشح في دوائر المعارضة.

وصباح يوم الانتخابات، دخل العديد من المسئولين على خط التصريحات والمواجهة الإعلامية، على رأسهم وزير الديوان الملكي، وشهد هذا اليوم الطويل اعتقالات وصدامات حامية الوطيس، بين محتجين وقوات النظام، في حين لم يتواجد في بعض مراكز التصويت سوى العشرات، وعنونت صحيفة التايمز البريطانية تغطيتها عن الانتخابات بأن "العنف يهز البحرين بينما تتحول الانتخابات إلى فوضى".

ائتلاف 14 فبراير نظم استفتاء شعبيا للتصويت بـ "نعم أو لا" على "هل تؤيد تقرير مصيرك باختيار نظام سياسي جديد في البحرين تحت إشراف الأمم المتحدة؟"، وجذب الاستفتاء اهتماما واسعا جدا، وشهدت مراكزه السرّية إقبالا لم يكن متوقّعا، رغم أن قوات النظام هاجمت عددا منها.

وشوّش استفتاء الائتلاف على الانتخابات الصورية التي شهدتها البلاد، وحظي باهتمام إعلامي واسع، كما هيمنت صوره على العديد من وسائل الإعلام العربية والدولية، نشر بعضها على أنّها صور الانتخابات!

انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أفرزت برلمانا بلا سياسيين. فبخلاف مقاطعة جمعيات المعارضة، فشلت الجمعيات السياسية السنّية في إيصال أكثر من 3 مرشحين للمجلس النيابي، في الانتخابات التي اكتسحها مستقلون غير معروفين على مستوى العمل السياسي أو الاجتماعي.

انتخابات بلا شعب، صورة استطاعت القوى السياسية والثورية أن تعطيها لهذا الحدث، بعد أن تخطّت هذا المنعطف بنجاح كبير، وحافظت على حضور قضيتها في المحافل الدولية التي استمرّت في الحديث عن "تسوية سياسة" و"مصالحة وطنية" و"حوار جدي ذي مغزى". أما السلطات، فيبدو أنها تسير قدما في مخطّط جديد، أعدّته لمواجهة الثورة في "ما بعد الانتخابات"!

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus