صفاء الخواجة: أطفال السجون: عن أحمد حويدة أحدثكم
صفاء الخواجة - 2015-01-07 - 8:28 م
* صفاء الخواجة
أمر مؤلم جدا الحديث عن اعتقال الأطفال في البحرين. حديث لم يتوقف منذ انطلاق ثورة 14 فبراير/ شباط 2011 لغاية الساعة على الرغم من كل النداءات والمناشدات المحلية والدولية.
مشهد اعتقال الاطفال يتكرر، حوالي بين 10 إلى 25 طفلاً يتم اعتقالهم كل شهر. المشهد الأخير، هو اعتقال الطفل أحمد مجيد حويدة (16 سنة ) من سكنة قرية المرخ. اعتقل حويدة فجر الأحد الساعة 2:20 صباحا من منزل جده الواقع في العاصمة المنامة مع مصادرة هاتفه النقال وبطاقته الذكية.
نام أحمد تلك الليلة في منزل جده حتى يذهب صباحا لمدرسته، مدرسة الجابرية الثانوية، لاستلام جدول امتحاناته. لكن في تلك الليلة تحديداً، شهدت العاصمة المنامة اقتحامات ومداهمات كثيرة وبين ذلك منزل الحاج محمد علي حويدة حيث كان يتواجد. اعتقل أحمد وأخذ لمنطقة مجهولة، وأعيد في قرابة السادسة صباحا لمنزل الجد لأخذ ملابس له. حينها طلب الطفل من عناصر الأمن أن "يحتضن جدته ". اتصل الطفل أحمد وأخبر عائلته بوجوده في مركز النعيم، ومنذ 28 ديسمبر/ كانون الأول 2014 ، انقطعت أخباره. أما محاميه محمد الجشي فيؤكد بأنه لم يتمكن حتى الآن من مقابلته أو الاطلاع على حيثيات القضية وأسباب اعتقاله.
هذه القصة ليست الأولى في البحرين، وليست جديدة على المشهد السياسي. لقد تجاوز عدد المعتقلين الأطفال في السجون البحرينية أكثر من 700 طفلاً، منذ انطلاق الثورة في 14 فبراير/ شباط 2011 لغاية شهر ديسمبر/ كانون الأول 2014، وذلك بحسب إحصاءات الجمعيات الحقوقية والسياسية.
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في سبتمبر/ أيلول 2013 النظام البحريني بـ"احتجاز الأطفال بشكل تعسفي دون أسباب واضحة، وإخضاعهم لإساءة معاملة، بما يصل إلى درجات من التعذيب وذلك بناء على إفادات المعتقلين و أفراد عائلاتهم ومحاميهم".
كما اتهمت منظمة العفو الدولية في ديسمبر/ كانون الأول 2013 بصراحة النظام البحريني بـ"بتعذيب الأطفال المعتقلين".
وذكرت بأن "هناك عشرات الأطفال تعرضوا للضرب والتعذيب في الاعتقال خلال العامين الماضيين" وأن بعضهم تعرض "للتهديد بالاغتصاب حتى تنتزع منهم الاعترافات". وأكدت بأن "حبس الأطفال وإساءة معاملتهم وتعذيبهم من الأمور المعتادة في البحرين". وقالت المنظمة أيضاً إن البحرين "تستخف بالالتزامات الدولية بشكل صارخ، من خلال اللجوء إلى إجراءات قصوى من قبيل فرض عقوبات قاسية بالسجن".
رغم الإدنات الدولية المتكررة للسلطات بشأن الوضع الحقوقي في البحرين، إلا أن الانتهاكات ما تزال مستمرة. تنتهك السلطات قانون "حماية الطفل" الذي صادق عليه الملك في 2012 كما تنتهك المواثيق الدولية التى وقعت عليها البحرين في عام 1992. على أن اعتقال الأطفال لم يقف عند هذا الحد. لقد انحدرت الأمور إلى مستوى لا يصدّق بعد تأكد الأنباء عن تعذيب أطفال تقل أعمارهم عن 15 عاما في مركز سجن الأحداث، وغيره.
كشفت جمعية "الوفاق" عن "تعرّض حدث لا يتجاوز عمره 14 عاما للضرب الشديد ورأسه مغطى، وإنزال ملابسه الداخلية وتعريته وتهديده بالصعق في عورته، ووضع أداة حادة بالقرب من دبره". وقالت إن "النيابة العامة زجرته حين أفصح عن ذلك واتهمته بالكذب، كما لم يحمه قاضي الأحداث حين كرّر شهادته أمامه، وأرجع للسجن رغم كل هذا الرعب الذي يعيشه".
بدوره، فقد شهد المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب بعينيه، تعرض العديد من الأطفال والشباب للتعذيب على أيدي حراس السجن، كان من بينهم جهاد الحبشي ومصطفى المقداد، اللذين وضعا في الحبس الانفرادي لمدة أكثر من أسبوع من دون علم أسرهم.
نعرف جميعا أن القضية البحرينية ليست قضية معتقلين، ولا قضية أطفال، ولا قضية ضحايا؛ بل قضية تحول سياسي ينهي الاستفراد بالقرار السياسي وينتقل إلى نظام ديمقراطي منفتح. رغم ذلك، فإن الوقوف على هذه المآسي والتضحيات الحيّة، خصوصا في مستوى الأطفال، مسألة مهمة.
* ناشطة في مجال حقوق الإنسان
المقالات والتعليقات التي تنشر تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر عن رأي "مرآة البحرين" بالضرورة.
نستقبلها على البريد التالي: editor@bahrainmirror.com