الإيكونومست: بريطانيا في الشرق الأوسط: عدنا!

القاعدة البحرية الجديدة هي صدًى من الماضي
القاعدة البحرية الجديدة هي صدًى من الماضي

الإيكونومست - 2014-12-14 - 6:02 م

ترجمة: مرآة البحرين

في العام 1968، أعلنت حكومة حزب العمّال، التي كانت تعاني ضائقة مالية، مؤكّدةً على موقفها المعادي للاستعمار، انسحاب بريطانيا العسكري من كافّة قواعدها في شرق عدن (ميناء-في الصورة الملتقطة عام 1864-معروف اليوم باليمن، كان محطّة للتزويد بالفحم على طريق الهند). وبالنسبة للكثيرين، ما أصبح معروفًا بإعلان "شرق السويس" مثّل النهاية الرسمية للإمبراطورية البريطانية. والآن، عقب مرور 50 عامًا، سيكون للبحرية الملكية قاعدة دائمة جديدة في ميناء سلمان في البحرين. 

وفي الواقع، لم تغادر بريطانيا الخليج أبدًا. إذ تربطها علاقات أمنية طويلة الأمد مع عمان، وقطر، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة (حيث يدير سلاح الجو الملكي سرية طائرات "تايفون" الحربية من "المنهاد"، وهي قاعدة في دبي تمّت الاستعانة بها أيضًا كجسر لوجستي للعمليات في أفغانستان). ولكن هذا لا يقلّل من شأن الخطة التي تهدف إلى تطوير جزء من ميناء سلمان (الذي يحوي أيضًا قاعدة الأسطول الأمريكي الخامس) إلى منشأة قادرة على ضمّ أحدث المدمّرات من طراز 45 ونوعين جديدين من حاملات الطائرات عندما تباشر بالخدمة (العسكرية) في نهاية العقد الحالي.

وتعكس هذه الخطوة رغبة الحكومة الحالية في إظهار التزام بريطانيا، مجدّدًا، بالممالك الخليجية، التي لا تزال تحافظ على علاقات تجارية واستثمارية هامّة معها، في ظل تفاقم الاضطرابات في المنطقة.

وعندما وقّع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند على اتّفاقية إنشاء هذه القاعدة في الخامس من ديسمبر/كانون الأوّل مع نظيره البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، أعلن قائلًا: "أمنكم هو أمننا". وتنص بنود العقد على أنّ البحرين مسؤولة عن معظم تكاليف بناء المنشأة التي تبلغ 15 مليون جنيه إسترليني، بينما تتوّلى بريطانيا تكاليف التّشغيل. بالإضافة إلى الاستعانة بسفن أكبر حجمًا لها تأثير أقوى من كاسحات الألغام الأربع للبحرية الملكية التي تبحر حاليًا من ميناء سلمان، سيصبح بإمكان بريطانيا جعل أسطولها الصغير أن يقطع مسافاة أكبر وذلك بسبب عدم اضطرارها إلى جعل السفن تتناوب على المرسى، ذهابا وإيابا.

ويبرز سببٌ آخر جلي لإعادة إنشاء قاعدة بحرية دائمة في الخليج وهو أن تبرهن (بريطانيا) للأمريكيين أنّها (وفرنسا) لا تزال حليفًا مهمًّا يعتمد عليه. إذ قال هاموند: "بينما تركّز الولايات المتّحدة المزيد من جهودها على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يتوقّع منّا ومن شركائنا الأوروبيين أن نأخذ على عاتقنا منطقة الخليج، والشرق الأدنى، وشمال أفريقيا". ولا يزال المستشارون العسكريون البريطانيون يرون أنّ هذه الأراضي هي المكان الذي ستستدعى القوّات المسلّحة للقتال فيه على الأرجح. وامتلاك قواعد حيث تستطيع القوّات البريطانية التّدرّب في بيئة حارّة وجافّة سيظل أمرًا مهمًّا.

مع ذلك، يبدو توقيت إبرام صفقة البحرين غريبًا نوعًا ما. فقد انتقدت منظّمة هيومان رايتس ووتش، وهي جماعة ضغط، البحرين لإعلانها عن هذه الخطوة بعد شهر فقط من إصدار لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني إدانة للوتيرة البطيئة جدا التي يجري فيها الإصلاح السياسي في البحرين. إذ لا يزال المعارضون خلف القضبان عقب انطلاق الاحتجاجات الواسعة النطاق في 2010-2011.

ويقول شاشانك جوشي، الباحث في المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن، إنّ هذه الخطوة تمثّل رسالة تحمل فهما "محدودا وقصير النظر" للاستقرار الإقليمي. ويبدو أنّها تحتل مكان مراجعة استراتيجية الأمن والدفاع القومي لعام 2015. وفي تقرير للمعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن العام الماضي، أثار غاريث ستانسفيلد وسول كيلي مخاوف من أنّ القوّة البريطانية التي قد تنتشر في الخليج قد تكون "كبيرة لدرجة كافية لإيقاعنا في المشاكل، ولكّنها صغيرة لدرجة أنّها لن تقدر على إخراجنا منها فور بدئها". جدال يتردد صداه من قبل 50 عامًا.

13 ديسمبر/كانون الأول 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus