الموقع الألماني "دويتشه فيليه": انتخابات البحرين: إطاحة بالحوار وتكريس للقبضة الأمنية

2014-11-21 - 9:15 م

مرآة البحرين (دويتشه فيليه): تجري في البحرين انتخابات تشريعية تقاطعها المعارضة الشيعية في ظل عودة القبضة الأمنية وانسداد الأفق السياسي، في وقت يرى فيه النظام نفسه في موقع قوة يسمح له بفرض قواعد اللعبة، كما يرى الكاتب والإعلامي البحريني منصور الجمري.

تستعد البحرين لإجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية يوم السبت (22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014). ويبلغ عدد الناخبين المسجلين رسميا 350 ألف ناخب سيختارون 39 نائبا بعدما فاز مرشح بالتزكية في دائرته. وتعتبر هذه الانتخابات الأولى من نوعها في البحرين منذ قمع السلطات للاحتجاجات الشعبية التي قادها الشيعة عام 2011 ضد نظام الحكم في سياق ثورات الربيع العربي. وكانت المعارضة الشيعية قد أعلنت مقاطعتها لهذه الانتخابات لأنها "ترى أن قواعد اللعبة السياسية باتت أقل عدالة مما كانت عليه في السابق من حيث تمثيل المواطنين، ومن حيث صلاحيات المجلس النيابي"، كما أوضح ذلك الكاتب والصحافي البحريني منصور الجمري في حوار مع DW.

وعلى عكس الكثير من المجموعات السياسية السنية مثل "جمعية الأصالة" التي تمثل التيار السلفي و"المنبر الإسلامي" و"تجمع الوحدة الوطنية" لم تقدم "جمعية الوفاق الإسلامية" التي تمثل أكبر التيارات الشيعية أي مرشح للانتخابات ما يعني أن البرلمان المقبل لن يعكس كل أطياف المشهد السياسي في البحرين. ويذكر أن نشاط "الوفاق" قد جمد بموجب حكم قضائي ما زاد من تعميق الأزمة السياسية في البلاد. واعتبرت الجمعية الشيعية أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة "لتدمير كل الواقع السياسي والاجتماعي عبر إلغاء الشعب والعمل بشكل منفرد عبر المؤسسات الصورية". وأثار هذا القرار أيضا حفيظة واشنطن، التي تحتفظ بعلاقات سياسية وعسكرية وثيقة بالبحرين، وقالت إنها تشعر بالقلق لتجميد أنشطة "الوفاق".

انسداد أبواب الحوار 

وتعيش البحرين انقسامات طائفية زادت الحسابات الإقليمية من تعميقها، حيث تدعم إيران الطائفة الشيعية، فيما تدعم السعودية السنة وبالتالي نظام آل خليفة. كما أن "ما حدث في مصر العام الماضي من سيطرة الجيش على السلطة ساعد على إعادة القبضة الأمنية في البحرين بشكل مشدد"، كما يرى منصور الجمري. ويضيف رئيس تحرير الوسط أن "أبواب الحوار مغلقة بين الجهات الرسمية والمعارضة، رغم بعض الحوارات المباشرة وغير المباشرة، التي لم ترق لمستوى التحديات، إذ لم يكن هناك استعداد من أي طرف للتوجه لمرحلة جديدة".

أما بالنسبة حسابات المعارضة فهي تخشى فقدان تأييد مناصريها فيما لو دخلت اللعبة الانتخابية في وقت تشهد فيه البلاد تراجعات حقوقية وسياسية "خطيرة". واستطرد الإعلامي البحريني موضحا أن "هناك اليوم نمطا جديدا من التعامل مع المعادلة السياسية يقوم على محاصرة المعارضة في مواقفها بشكل يجعلها ترفض ما هو معروض عليها".

وتطالب قوى المعارضة بتأسيس ملكية دستورية ديمقراطية يسود فيها الملك ولا يحكم، وهي مطالب ووجهت بقوة، إذ ألقي القبض على عدد من القياديين المعارضين وحكم عليهم بعقوبات سجن قاسية. كما صدرت عدة أحكام بإسقاط الجنسية عن معارضين بحرينيين "وهي قوانين لا يعمل بها في أي بلد آخر"، على حد تعبير الجمري. في غضون ذلك تتواصل احتجاجات الشارع البحريني بشكل متفرق، إلا أن حدتها خفت على العموم في ظل خيبة أمل شاملة مع خفوت زخم الإصلاحات والإحساس بالعودة إلى المربع الأول دون تحقيق أي انجاز.

انقلاب ضد المجتمع المدني

ويرى منصور الجمري أن الانتخابات تنظم في ظروف صعبة جدا "بحكم صراع الإرادات بين المعارضة والجهات الرسمية التي خنقت مجال المشاركة السياسية وجعلتها أقل وأضعف مما كانت عليه في السابق". ويضيف أن السلطة تشعر في الوقت الراهن بأن لها اليد العليا، وبالتالي فهي التي تفرض شروط المشاركة وتوقيتها. ولعل من أبرز تجليات الأزمة في البحرين "هو اختفاء قوى المجتمع المدني السابقة واستبدالها بأخرى، أي الجمعيات المسجلة رسميا، أما الجمعيات المستقلة القريبة من المعارضة فهي في طور الاختفاء في أغلبها، واستبدلت بأخرى تحمل صفة أكثر حميمية اتجاه الجهات الرسمية"، يقول الجمري.

هذه الانتخابات ليست إذا تتويجا لعملية إصلاحات سياسية توافقية، بل بالعكس هي تعبير عن تراجع الدينامية التشاركية لفائدة القبضة الأمنية التي ازدادت شدة في البحرين مؤخرا. وبالرغم من ضغط المنظمات الحقوقية العالمية، عززت سلطات المنامة القوانين الزجرية والعقوبات المفروضة على مرتكبي أعمال العنف في المظاهرات الاحتجاجية بما يشمل السجن المؤبد عقوبة الإعدام وسحب الجنسيات وتعليق عمل الجمعيات المعارضة. وهو ما يدفع بمعظم المراقبين إلى التساءل عن جدية وجدوى هذه الانتخابات!.

الكاتب والإعلامي البحريني الدكتور منصور الجمري من مواليد عام 1961، عضو مؤسس لصحيفة الوسط البحرينية ورئيس تحريرها، حاصل على "الجائزة الدولية لحرية الصحافة" لعام 2011 التي تمنحها "لجنة حماية الصحافيين" في نيويورك وكذلك على "جائزة السلام" التي يقدمها "المجلس العالمي للصحافة" في لندن.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus