موقع "منت برس نيوز": الثورة المزعجة في البحرين: حرب بين ملك وعائلة من المناضلين من أجل الحرية

2014-11-01 - 9:24 م

كاثرين شاكدام*، موقع منت برس نيوز

ترجمة مرآة البحرين

"الثورة المزعجة"، اسم أطلقته القوى التي تحارب انتفاضة البحرين الديمقراطية عليها، هذه الانتفاضة التي لا زالت نقطة سوداء في خارطة الربيع العربي. الحركة الثورية التي تجاهلتها وسائل الإعلام بكل سرور، بسبب تضارب وتداخل المصالح السياسية والأخلاقية، الذي كشفت عنه.

وفي مقابلة حديثة مع موقع مينت برس، قالت مريم الخواجة "كنا نعرف أن الحرية في البحرين ستكون عرضة للجدل، هذا الأمر له علاقة بكون البحرين مركزًا للمصالح الاستراتيجية لبريطانيا والقوى الأجنبية الأخرى في المنطقة".

وإضافة إلى كونها مملكة جزيرة تضم أكثر من 1.3 مليون شخص، أقل من نصفهم مواطنون بحرينيون، تعتبر البحرين جوهرة ذات أهمية جيوستراتيجية كبيرة بالنسبة للممالك الخليجية والقوى الغربية. إذ تعرف كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة أن البحرين ونظامها مهمين للحفاظ على مصالحهما العسكرية والسياسية والاقتصادية والهيمنة على المنطقة. وكونها جزءًا من معادلة الشرق الأوسط الكبير، لا يمكن للبحرين الخروج ببساطة من نسق المحور السياسي الخاص بها.

وفي حين تشعر مثل هذه القوى بأن مصالحها تستطيع التقدم على الحق الطبيعي للشعب البحريني في تقرير المصير، كان آل خواجة، إحدى عوائل البحرين، يؤكدون إعلاء صوت البحرينيين على ضوضاء السياسة. ويمثل آل الخواجة منارة ونقطة التقاء لكل أولئك الذين سحقت آمالهم وصرخاتهم على يد نظام آل خليفة القمعي. وقد برز أفراد هذه العائلة بقوة كأبطال هذه الانتفاضة البحرينية المستمرة.

تداخل المصالح الأجنبية والغربية

كتب الصحافي الاستقصائي ألبرتو كروز لموقع سكوب عند البدايات الأولى للحركة الثورية في مارس/آذار 2011، قائلًا "إن الأهمية الجيوستراتيجية للأحداث التي شهدتها هذه المنطقة الصغيرة عظيمة جدًا بحيث أنه إذا انتصرت الثورة الحالية، سيؤثر ذلك على الكويت والسعودية".

ومن خلال التحالفات الأجنبية، سيكون لأي تداعيات في السعودية صدىً في عواصم العالم؛ مثل لندن وواشنطن وموسكو وطهران. وذلك، سيقلب بشكل أساسي توازن القوى في العالم رأسًا على عقب.

وأجمل كروز المصالح الغربية في البحرين، شارحًا في تحليله أن النفط والمصالح العسكرية ونقاط الضغط السياسي الإقليمي على دول مثل إيران، تقف في طريق تحرر البحرينيين.

وكان الثوار البحرينيون يواجهون هذه الحقائق والعوائق والقوى منذ العام 2011. تحركُ البحرين من أجل الحرية والديمقراطية كان قد بدأ بالطبع منذ عقود مضت ولكن العام 2011 أتى ليمثل حاجة الشعب الملحة للتغيير الفوري. فبعد عقود من العيش في ظل الظلام والاستبداد، قرر البحرينيون استعادة مكانهم الشرعي في العالم آملين إعادة بناء أنفسهم باعتبار أنهم القوامون على مصائرهم السياسية والدينية الخاصة. ووقفت عائلة الخواجة في طليعة هذا الحراك، إذ لم يشكّل كل فرد منها مجرد حراك، بل أسلوب وجود.

"ولدتني أمي حرة"

زينب الخواجة

قالت زينب الخواجة التي مثلت أمام المحكمة في بداية هذا الشهر لتواجه تهمًا تتعلق "بتدمير ممتلكات الحكومة" (تمزيق صورة للملك حمد بن عيسى آل خليفة) والحامل في شهرها الثامن "أنا ابنة رجل حر و شجاع.. ولدتني امي حرة، وابني سيولد حرًا حتي ولو كان ذلك في السجن... من حقي بل ومن مسؤوليتي كإنسانة حرة أن أعترض على الظلم والظالم، وأتمسك بهذا الحق وأفتخر بهذه المسؤولية."

ولكن من هم آل الخواجة؟ كأسرة مانديلا في جنوب أفريقيا، يعمل آل الخواجة في مجال الحرية. وعندما يتعلق الأمر بالحديث عن الحريات المدنية للشعب وحقوق الإنسان الأساسية، يقفون في الطليعة غير خائفين وغير متأسفين. وسواء كنا نتكلم عن عبد الهادي الخواجة، أحد أبرز الناشطين الحقوقيين المعروفين في البحرين ومؤسس مركز البحرين لحقوق الإنسان، أو زوجته خديجة الموسوي أو ابنتيه مريم وزينب الخواجة، يبدو جليًا أن النشاط الحقوقي يسري في الجينات الوراثية لهذه العائلة.

وقد حملت مريم، البالغة من العمر 27 عامًا، والتي دخلت إلى عالم النشاط السياسي في سن المراهقة، ميراث العائلة بعد وقوع والدها وأختها ضحايا لغضب آل خليفة، أي سجناء رأي في دولة يتهمها الكثير بالافتقار لأي معايير أخلاقية. ولا يزال عبد الهادي الخواجة مسجونًا منذ 9 أبريل/ نيسان 2011، حين تم اعتقاله لدوره في انتفاضة 2011 المطالبة بالديمقراطية. فيما اعتُقِلت زينب عدة مرات وأبلغت منظمة العفو الدولية عن تعرضها للاعتداء الجسدي أثناء احتجازها من قبل الشرطة.

وفي مقابلة حصرية مع مينت برس، شرحت مريم كيف أصبحت مساهمة في الثورة البحرينية وأن أملها هو خلع آل خليفة عن العرش.

ومن المقر الرئيسي لمركز البحرين لحقوق الإنسان في الدنمارك، صرّحت مريم الخواجة لموقع مينت برس أن "النشاط الحقوقي هو شيء ننشأ عليه منذ الصغر، ونحن نشأنا في عائلة كانت ناشطة كل حياتها، لم يكن والدي كذلك فحسب، بل أمي أيضًا. في الواقع، كانت أمي القوة الدافعة في عائلتي والدافع وراء تكريس أنفسنا، لا للبحرين فحسب وإنما لحقوق الإنسان بشكل عام. لطالما كانت أمي قوية وجريئة جدًا. وقد صاغت شخصياتنا على ما هي عليه الآن، وجعلتنا ندرك المسؤوليات الواجب علينا حملها، كأشخاص، من أجل أنفسنا وعائلتنا ومجتمعنا."

وأضافت أنها تعي دورها كمدافعة عن حقوق الإنسان بأنه دعوة أكثر من كونه مهنة، وكتجسيد للمسؤولية بدلًا من تحقيق طموحات شخصية.

وقالت إنه "لحد ما، فإن السبب وراء وقوف عائلتنا في الصفوف الأمامية في ثورة البحرين هو أنه قدّمت لنا الأدوات والمعرفة. لقد ساهم أهلنا في صياغة ورعاية التزامنا فيما يتعلق بالإنصاف والعدالة، وبفهمنا لماهية الدفاع عن حقوق الشعب الأساسية والطلب بأن تتم معاملتهم على قدم المساواة".

وشددت مريم أنه على الرغم من فهم البعض لمبدأ النشاط السياسي على أنّه وسيلة لترويج الشخص لطموحاته وسيرته السياسية، إلا أنّه بالنسبة لعائلتها ومئات المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، يتمحور التركيز حول إعطاء صوت لأولئك الذين تم إسكاتهم.

التغيير يبدأ من الداخل، لا من الخارج

مستحضرة مسيرة والدها، قالت مريم إنه بعد إطلاق سراحه في العام 2005، لجأ الناس إليه لقيادة التغيير وتوليه، ولكن لم يكن هذا ما تصوره.

وقالت مريم إنه "لم يرد والدي إرشاد الناس إلى ما يجب فعله. بالعودة إلى العام 2005، ألقى خطابًا شرح فيه أنه من الأسهل على النّاس اتباع زعيم في الوقت الذي يجب أن يبحثوا فيه فعليًا عن تغيير مدروس وينشئوا المجتمع الذي يحلمون به.. الأمر يتعلق بالتمكين الذاتي والتحرر السياسي. وهذا فعلًا أُّثر بي"، وأضافت: "أعتقد أن هذا ما يدافع والدي عنه وهذا ما أسعى إلى تحقيقه من أجل بلدي".

وأكدت مريم أنها وعائلتها يريدون خدمة الشعب، لا إرشاده إلى ما يجب فعله.

وتابعت أنّه "بصفتي مدافعة بحرينية عن حقوق الإنسان، فإن وظيفتي ليست التحدث باسم الشعب ولكن في جعل صوته مسموعًا وأن أصبح ناقلة لصرخاته وطموحاته وآماله. أريد أن أتأكد من ألا يبقى صوت الذين لا صوت لهم غير مسموع. أنا أتكلم نيابة عن الشعب، هكذا أرى الأمر على كل حال."

ووفقًا لمركز البحرين لحقوق الإنسان، فمن بين 3000 سجين بحريني؛ رجالًا ونساءً، ذاق القليل فقط نكد آل خليفة بالطريقة التي ذاقه بها آل الخواجة. فلقد تعرضت هذه العائلة للمضايقات والقمع والملاحقة والمعاملة الوحشية والتعذيب ووقعوا ضحايا، فضلًا عن تعرضهم للاعتقال. لقد دفعت الأم وابنتاها ثمنًا غاليًا مقابل معتقداتهم ورفضهم الخضوع للنظام الذي يرونه غير أخلاقي وغير عادل.

القمع المنهجي وما يحمله المستقبل

وزير الخارجية

عندما سُئِلت مريم لماذا شعرت بأن أسرة آل خليفة الملكية تتصرف بعدائية في حملتها الممنهجة ضد عائلة الخواجة، صنّفت الغضب الملكي على أنه سمة للعقلية القبلية لآل خليفة ويعكس القصور السياسي للنظام الملكي وعدم قدرته على تلبية مطالب شعبه.

وقالت إنه "لطالما شعر النظام بأنه مضطر للاضطهاد والقمع ولطالما كانت عائلتنا جريئة، وكان آل خليفة دائمًا حذرين من والدي ووالدتي وعملهما. قرّر والدي أنه يريد أن يكون ذلك الشخص الذي يخضع النظام للمساءلة بسبب أعماله، حتى عندما كان من السهل عليه الوقوع في فخ السياسة."

وأضافت مريم "لأنهم لم يتمكنوا من رشوتنا اختاروا اضطهادنا، وشكّل والدي مشكلة لأنه الوحيد الذي جهر بالحقيقة. فالأنظمة القمعية تخشى حقوق الإنسان حيث أنه، على خلاف السياسة، لا مهرب من حقيقتها. .لا يوجد منطقة وسطى فيها؛ فإما أن تكون مجرمًا أو صالحًا وهذا مخيف بالنسبة للنظام، وبالتالي، كان يجب إسكاتنا".

مريم وعائلتها مصممون على إكمال مهمتهم، لكنها حثت على ضرورة الحفاظ على توقعات واقعية في المهمة التي تنتظرهم.

وأضافت أن "هناك تشعبات جيوسياسية للبحرين، وأنا أعرف أن فصل بعض القوى، وبالأخص بريطانيا، سيكون صعبًا.. فهناك علاقات تاريخية بين البحرين والمملكة المتحدة تعود إلى قرونٍ مضت... وهناك نمط من المصالح الاقتصادية والتحالفات السياسية والمؤشرات العسكرية التي تتداخل عندما يتعلق الأمر بالبحرين. نحن نعلم ذلك، ولكن هذا لا يعني أن يعيش الناس حالة عبودية لأن هذا مريح سياسيًا واقتصاديا للقوى الأجنبية ".

 

* كاثرين شاكدام هي محللة سياسية ومراسلة لموقع "Mint Press" الإخباري، تتخصص بتغطية أخبار الشرق الأوسط ونشوء الحركات الراديكالية وهي مساعدة مدير مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط. لها مساهمات في عدد من المجلات والمواقع والصحف مثل: ميدل إيست مونيتير وجمعية السياسية الخارجية ويور ميدل إيست و إسلاميست جيت والمجلة وأوبن ديموكراسي ووكالة أبنا ودايجست السياسة الدولية وأوراسيا ريفيو وغيرهم.

29 أكتوبر/ تشرين الأول 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus