صحيفة التلغراف: المصرفي الممول لهجمات 11 سبتمبر/أيلول يُموّل الآن الإرهابيّين في سورية والعراق

2014-10-05 - 11:22 م

روبرت مينديك، صحيفة التليغراف

ترجمة: مرآة البحرين

كشفت صحيفة التلغراف عن أنّ مموّل القاعدة الذي سُجن لضلوعه في تمويل العقل المدبّر لهجمات 11 سبتمبر/أيلول يجمع المال للإرهابيّين الإسلاميّين مجدّدًا، بعد أن أفرجت عنه السّلطات القطرية.

وكان خليفة محمّد تركي السبيعي-وهو مواطن قطري قال إنه أمّن دعمًا ماليًّا لخالد شيخ محمد- قد سُجِن في العام 2008 بتهمة القيام بأعمال إرهابية ولكن أُفرج عنه بعد ستّة أشهر.

والسبيعي متّهمٌ الآن بتمويل الإرهابيين الإسلاميين في سورية والعراق.

وكشفت وثائق جديدة نشرتها وزارة الخزانة الأميركية مؤخراً عن وجود صلات بين السبيعي وممول إرهابي متّهم بتمويل إحدى الجماعات التّابعة لتنظيم القاعدة، والتي كانت تخطط لتفجير طائرات باستخدام قنابل مصنعة على شكل عبوّات معجون الأسنان.

وقد أفشل الجيش الأمريكي هذا المخطّط في غارة جوّية على مقر الجماعة في سورية منذ أكثر من أسبوع فقط.

والسبيعي، الذي كان يعمل موظفاً في المصرف المركزي القطري، متهم حالياً بـ"تمويل جماعات إرهابية" تقاتل في سوريا والعراق.

وتسلط هذه القضية الضّوء على القلق المتزايد من الفشل الواضح لقطر ، وهي إحدى أغنى الدّول في العالم، في قمع شبكات التمويل الإرهابيّة في البلاد.

وكانت قطر قد طوّرت علاقة وطيدة مع بريطانيا في السّنوات الأخيرة، حيث استثمرت مليارات الجنيهات الاسترلينية، ومن هذه الاستثمارت شراء متاجر "هارودز" ومبنى "شارد"، وهو أعلى برج في أوروبا. وقد ضمنت هذه الدوّلة الخليجية استضافتها لكأس العالم لعام 2022 في ظروفٍ مثيرةٍ للجدل.

غير أنّ أبرز النّقاد في العالم يدعون إلى تحقيق أكبر حول علاقات قطر بالإرهاب العالمي مع التّهديد بفرض عقوبات إنْ فشلت في معالجة المشكلة.

وحذّر رئيس لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني سير مالكولم ريفكند أنّه على قطر "اختيار أصدقائها أو تقبّل العواقب"، بينما قال مدير مركز دراسات الأمن والاستخبارات في جامعة باكنغهام إنّ: "الوقت قد حان للبتّ بشأن التمويل المتدفّق من دول الخليج إلى المملكة المتّحدة. فمن المعلوم أنّه لإيجاد الإرهابيّين، عليك تتبّع الأموال، ويبدو حاليًا أن قطر هي مصدر التّمويل."

وقد عُلِم أن تقريرًا جديدًا سينشره مركز أبحاث أمريكي في الشؤون الأمنية الشهر المقبل كشف عن هويّة 20 قطريًا وصفهم بكبار ممولي الإرهاب ومقدّمي التّسهيلات المالية له. ومن بين هؤلاء القطريين عشرة تم تصنيفهم كإرهابيين، وسُجّلوا على لوائح الإرهاب الرسمية للولايات المتّحدة الأمريكية والأمم المتّحدة.

ومن ضمن هؤلاء السبيعي، البالغ من العمر 49 عامًا، وهو موظّف في المصرف القطري المركزي، والذي كان قد وُضع على قائمة الإرهاب وصُنّف كمموّل للإرهاب عام 2008، لكن يبدو أنّه لا يزال مشاركًا بشكل كبير في تمويل إحدى شبكات الإرهاب.

ووفقًا للتّقرير الأمريكي الرّسمي الصّادر عام 2008، اتُّهم السّبيعي بتقديم الدّعم المالي لتنظيم القاعدة وتسهيل عمل الإرهابيين، والعمل بالنّيابة عن القيادة العليا لتنظيم القاعدة، ومن بينهم خالد شيخ محمد وهو أحد قياديي القاعدة البارزين الذي أُلقي القبض عليه في مارس/آذار عام 2003.

ويُعتبر خالد شيخ محمد العقل المدبّر لهجمات 11 سبتمر/أيلول وهو معتقل حاليًّا في سجن غوانتانامو. وقد عاش حرًّا في قطر لسنواتٍ عدّة في التّسعينيات على الرّغم من أنّه كان مطلوبًا، حتّى في تلك المرحلة، لدى الولايات المتّحدة لقيامه بأعمال إرهابيّة.

وتزعم السّلطات الأمريكيّة أنّ السّبيعي قدّم دعمًا ماليًّا لقيادة القاعدة العليا أيضًا في منطقة قبلية في باكستان، وأنّه قدّم تسهيلات لعملية نقل المتطرّفين إلى معسكرات تدريب تنظيم القاعدة في باكستان، وأنّه عمل كوسيط دبلوماسي وقناة اتصالات بين القاعدة وأطراف أخرى فى الشّرق الأوسط.

وقد أدانت محكمة بحرينية السبيعي في العام 2008 لتمويله الإرهاب، وخضوعه لتدريب إرهابي وتسهيل عملية سفر آخرين لتلّقي التّدريب والإنضمام لتنظيم إرهابي. وأصدرت ضده حكمًا غيابيًا، وبعد شهرين في مارس/آذار عام 2008، اعتقلته السّلطات القطرية على خلفية هذه الاتّهامات.

وقد ألمحت برقية دبلوماسية أُرسلت فى مايو/أيّار 2008 إلى وجود خلاف بين أجهزة الاستخبارات القطرية ورئيس الوزراء حمد بن جاسم بن جابر آل ثانى بخصوص قضية السّبيعي.

وتُفيد البرقية التى أرسلها القائم بالأعمال الأمريكي مايكل راتني، قُبيل زيارة وزير الخزانة الأمريكي هنري باولسون، بأنّ "رئيس الوزراء حمد بن جاسم آل ثاني كان متورّطًا قبل ذلك بمدة طويلة، ولكن ذلك بناءً على قلق أجهزة الأمن القطرية على ما نعتقد. (..) إذا أردتم إثارة هذه القضية، فلا بد أن يقتصر ذلك فقط على شكر القطريين على تعاونهم... نعتقد أنّه لا بد من أن يتم أيّ نقاش تفصيلي في هذه القضية مع المدّعي العام وأجهزة الاستخبارات القطرية وليس مع رئيس الوزراء حمد بن جاسم".

وقد أطلقت السّلطات القطرية سراح السبيعي بعد ستّة أشهر من سجنه أي في سبتمبر/أيلول عام 2009 وتمّت إضافته إلى لائحة للأمم المتّحدة بأسماء الذين سيخضعوا لعقوبات بسبب ارتباطهم بجماعات إرهابيّة.

وكشفت الوثائق التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية مؤخّرًا عن أن السبيعي استمر بتمويل النشاطات الإرهابية. وكشفت الوثائق التي نُشرت في نهاية سبتمبر/أيلول عن صلات بين السبيعي وإرهابيّيْن من الأردن، ولكن يحملان الهويّة القطرية وفقًا لمسؤولين أمريكيين.

ويُزعَم أن أشرف محمد يوسف عثمان عبد السلام، والذي كان يقاتل في سوريا منذ بداية هذا العام، قد ساعد السبيعي على نقل مئات آلاف الدولارات إلى تنظيم القاعدة في باكستان. ويصف الأمريكيون عبد السلام بأنه ممول تنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة، وهي فصيل جهادي تابع للقاعدة، يمارس نشاطه في سوريا.

وتكشف الوثيقة الجديدة أيضًا عن الصلة الوثيقة بين السبيعي وعبد الملك محمد يوسف عثمان عبد السلام، المعروف ب"عمر القطري". وفي العام 2011، ووفقًا للولايات المتحدة الأمريكية، أرسل عمر القطري عشرات الآلاف من الدولارات إلى محسن الفاضلي، وهو أحد القادة الأساسيين في القاعدة لما يُعرف ب"تنظيم خراسان" في سوريا. وهناك اعتقاد بأن الفاضلي وراء مخطط لاستخدام قنبلة مصنوعة من عبوات معجون الأسنان لتفجيرها بركاب طائرات أمريكية وأوروبية، وتم تناقل أخبار عن مقتله في قصف جوي أمريكي على حلب في نهاية الشهر الماضي.

ووفقًا لوثائق أمريكية حديثة، كان عمر القطري قد "جمع أموالًا عبر الإنترنت ونسّق مع ممول القاعدة خليفة محمد تركي السبيعي لنقل مئات آلاف اليورو إلى القاعدة وقادتها الأساسيين."

والقطري مُحتَجَز حاليًا في لبنان بعد اعتقاله في العام 2012 أثناء صعوده إلى طائرة متوجهة إلى قطر وبحوزته "مئات الآلاف من الدولارات كان ينوي تسليمها لتنظيم القاعدة."

وتمتد الشبكة الإرهابية لتشمل مواطنًا قطريًا آخر، تمت إضافته أيضًا إلى القائمة السوداء الشهر الماضي أيضًا من قبل الحكومة الأمريكية، وهو ابراهيم عيسى حجي محمد البكر، الذي تربطه علاقات وثيقة أيضًا بعمر القطري. وتم اكتشاف دوره في العام 2006 حيث كان عضوًا في خلية إرهابية تخطط للهجوم على القواعد الأمريكية في قطر. وكان قد تم سجنه سابقًا في قطر في بداية العام 2000 لتمويله الإرهاب، ولكن، وفقًا للولايات المتحدة الأمريكية، "تم الإفراج عنه إثر ذلك بعد تعهده بعدم القيام بأي نشاط إرهابي في قطر."

وتدعي الولايات المتحدة أنه منذ ذلك الوقت أصبح ممولًا رئيسيًا لكل من القاعدة وطالبان ويلعب دور الرابط بين "ممولي القاعدة في الخليج وأفغانستان."

وكشفت الوثائق الحديثة أن ممولًا غير معروف، مقيم في قطر، أرسل 1.25 مليون جنيه استرليني إلى طارق الحرزي، المتهم بإدارة عملية مساعدة المجاهدين الأجانب في الدولة الإسلامية في العراق والشام، بمن فيهم عدد كبير من البريطانيين، الذين عبروا الحدود من تركيا إلى سوريا.

وهناك شخصية قطرية أخرى، عبد الرحمن بن عمير النعيمي، الذي تم تصنيفه كإرهابي من قبل الحكومة الأمريكية. وكان النعيمي حتى وقت قريب مستشارًا للحكومة القطرية وعضوًا مؤسسًا في جمعية خيرية ذات صلة بالأسرة الحاكمة، وهي مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية. وقد اتهمته الولايات المتحدة بنقل 1.25 مليون جنيه استرليني إلى القاعدة في العراق.

وكان دايفيد وينبرغ، وهو عضو رئيسي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والذي قدم شهادته أمام الكونغرس الأمريكي حول تمويل الإرهاب القطري، قال إنه يحضر تقريرًا يتضمن أسماء 20 قطريًا متورطين بتمويل الإرهاب.

وقال الدكتور وينبرغ إن "مدى جمع التبرعات في قطر لتمويل الإرهاب أمر يبعث على الدهشة." وأضاف أنه "وفقًا لمسؤولين أمريكيين حاليين، فإن قطر الصغيرة تجاوزت بدرجات جارتها الأكبر منها أي السعودية، باعتبارها المصدر الأول لجمع التبرعات الخاصة لداعش وغيرها من المتطرفين العنيفين في سوريا والعراق."

وأضاف أن "لقطر تاريخ طويل في غض الطرف عن مؤيدي تنظيم القاعدة في داخلها. والآن يعيد القطريون تكرار التاريخ من جديد، إذ يرفضون اعتقال إرهابيي القائمة السوداء الموجودين لديهم. ومن المعروف أن ممولي القاعدة الذي أُطلِق سراحهم من السجن، هم الآن بين أهم رجال المال الذين يدعمون داعش وتنظيم خراسان وغيرهما من الجماعات المرتبطة بالقاعدة."

وقال الدكتور وينبرغ إن السبيعي تلقى "حكمًا قضائيًا قصيرًا " في العام 2006، وأضاف أن "هذا الرجل موجود على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب، وهذا أمر يجبر قطر ببساطة على اتخاذ إجراءات ضده. هذا النوع من القضايا يهز الضمير."

وكانت زمرة صغيرة من الرجال الأقوياء في أسرة آل ثاني الحاكمة السبب وراء تحول قطر من مملكة خليجية صغيرة إلى قوة اقتصادية. وترأس حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني هذا التغيير، وقد شغل منصب وزير الخارجية من العام 1992 وحتى العام 2013، كما أنه ترأس مجلس الوزراء من العام 2007 حتى العام 2013. وترأس أيضًا هيئة قطر للاستثمار، وصندوق الثروة السيادية في البلاد، والذي اشترى متاجر هارودز من بين عدد من الصفقات الهامة.

وتساءل خبير أكاديمي بريطاني كبير،ـ وهو خبير في الشؤون القطرية لم يرغب في الكشف عن اسمه، عن كيفية استطاعة حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني صد الإرهاب أثناء لعبه الكثير من الأدوار الأخرى. وأضاف أن "حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني رجل أعمال، وهذه سياسته. هو لا يؤيد أحدًا. إنه يؤيد المال فقط. ولكنه أيضًا رجل مشغول جدًا، وعندما يكون عليك إدارة السياسة الخارجية وتحمل واجبات رئاسة مجلس الوزراء ولديك أعمالك الخاصة، تستطيع أن تكون قاسيًا وتتساءل عن مدى فعالية ذلك."

وكان الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو أمير قطر، قد دافع عن بلاده ضد مزاعم تمويل الإرهاب.

وصرح لقناة ال سي إن إن الأسبوع الماضي "أننا لا نمول الإرهاب. وإن كنت تتحدث عن بعض الحركات، خاصة في سوريا والعراق، فنحن نعتبرهم جميعًا إرهابيين."

وأضاف: "أعلم أن أمريكا وبعض البلاد الأخرى ينظرون إلى بعض الحركات على أنها حركات إرهابية، ولكن هناك اختلافات. هناك اختلافات حيث ينظرون إلى كل البلاد وكل الأشخاص وكل مجموعة من خلفية إسلامية على أنهم إرهابيون. ونحن لا نقبل ذلك."

4 أكتوبر/تشرين الأول 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus