إليوت أبرامز: الخطر يحدق بالبحرين

2014-09-20 - 10:28 م

إليوت أبرامز، مجلس العلاقات الخارجية

ترجمة: مرآة البحرين

مرت فترة منذ أن كتبت عن البحرين، حيث كنت آمل دائمًا أن يكون هذا المقال أو ذاك، والذي يحمل أخبارًا سيئة، أمرًا انتقاليًا وأن هذا السبب سينتصر في النهاية. أنا الآن أفقد الأمل.

كان الوضع الأساسي واضحًا منذ عدة سنوات: غالبية السكان، والذين هم من الشيعة، يشعرون بحرمانهم من حقوقهم السياسية من قبل الأسرة الحاكمة السنية. وكانت هناك عدة جهود للتوصل إلى تسوية، خاصة بعد بدء "الربيع العربي" في العام 2011. ولكن، وكما ورد في صحيفة الإيكونوميست في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، حذرت "منظمات حقوق الإنسان" من تدهور الوضع. وبعد عامين من تقديم تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق-وذلك جهد من الملك حمد يستحق الثناء-، تم تنفيذ القليل من توصياتها. كان عنوان مقالي آنذاك "المشاكل تحدق بالبحرين: الحكومة تسمم البئر." ومن المؤكد أن ما يسمى بـ"الحوار الوطني" والذي أُطلِق في فبراير/شباط 2013 لم يستطع الوصول إلى أي نتيجة، وعُلّق في يناير/كانون الثاني 2014.

بعدها، وفي شهر يوليو/تموز، تم الإعلان عن أن مساعد وزير الخارجية الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان، توم مالينوسكي، "شخص غير مرحب به" من قبل الحكومة البحرينية خلال زيارته إلى البلاد. وشكلت هذه سابقة من نوعها من قبل حكومة صديقة تجاه مسؤول أمريكي. واحتجت وزارة الخارجية، ولكن ليس بصوت عالٍ. في ذلك الوقت، أخبرني أحدهم أنه يتم التفاوض على عودة مالينوسكي إلى البحرين ولذلك لا جدوى من الصراخ. لكن ذلك لم يحصل.

وحتى اليوم، استمرت المحادثات بين الأسرة الحاكمة وجماعات المعارضة الشيعية- إن كان هذا التعبير صحيحًا. فعلى الأغلب هم يطالبون ببحرين أكثر ديمقراطية، مع إيلاء دور أكبر للبرلمان في حكم البلاد. والكويت نموذج على ذلك، حيث يوجد برلمان حقيقي قادر على استجواب الوزراء وكان قد تسبب باستقالتهم أو عزلهم من مناصبهم. ليست ويستمنستر، ولكنها ذات معنى، وهذا بالضبط ما يريده البحرينيون: بعض القيود على السلطة الملكية، وبرلمان منتخب ذو سلطة جدية وبعض التغييرات للحصول على ملكية دستورية. وبدلًا من ذلك، تم تقديم تسويات غير جدية لهم تبدو وكأن دافعها رغبة بالظهور بشكل مرن بدلًا من أي رغبة فعلية بالمرونة.

وقريبًا، ربما خلال أيام، يعلن الملك عن انتخابات جديدة يتم إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني. وقد يجد أن الجماعات الشيعية الرئيسية سترفض المشاركة، وبالتالي لن يكون دور الانتخابات سوى تأجيج الانقسامات السياسية في البحرين.

وفي الوقت ذاته، يعاني الاقتصاد في البحرين من التوتر السياسي والعنف في بعض الأحيان. وإليكم ما ورد في صحيفة الغولف نيوز منذ فترة:

على البحرين أن تواجه عبء الديون المتزايدة على نحو خطير. فقد بلغت قيمة الديون غير المسددة 11.2 مليار دولار في نهاية العام 2012 أو 40 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وارتفع هذا الرقم ليصبح 13.2 مليار دولار في العام 2013 أي ما يعادل 44% من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم ذلك، قد يصل الرقم إلى 15.7 مليار دولار في نهاية العام 2014 ليمثل ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي.

وبالعودة إلى الوراء، نجد أن الدين العام كان يشكل نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد. ومن الواضح أن وتيرة ارتفاع الدين العام تنذر بالخطر مع عدم وجود نهاية لهذا الأمر، وتظهر تحليلات موقع مودي توقعات سلبية فيما يتعلق بالاقتصاد البحريني، وهي الحالة الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي.

وبشكل غير عادي، ارتفع مستوى الديون من 10% من الناتج الإجمالي المحلي في العام 2008 إلى 50% في نهاية العام الحالي. ويعكس هذا الارتفاع تأثير الاضطرابات السياسية على القرارات الاستثمارية والسفر والنشاط التجاري بشكل عام. ولتغيير مسار الأمور، يتعين على الملك أن يقوم بأكثر من وسعه لمخاطبة غالبية شعبه.

ما الذي يمكن فعله؟ هناك شيء واحد، فالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة هما من الدول الغربية التي تمتلك أكبر تأثير على البحرين. وعلى حكوماتنا تنسيق السياسة البحرينية بشكل أفضل، لتجنب الثغرات الممكنة بيننا والتي سمحت للحكومة البحرينية بالتهرب من الضغوطات التي تطالب بالمزيد من الديمقراطية.

ومن ناحية أخرى، يحتاج الملك إلى السماع، من الذين يشغلون أعلى الهرم في الحكومة الأمريكية، أي الرئيس ونائبه، أن مرحلة ما قبل الاتخابات هذه توفر فرصة قيّمة للوصول إلى تسوية- وعليه استغلالها. وإذا واصل مشروع الانتخابات من دون التوصل إلى اتفاق، وبقي عدد من الشيعة بعيدين عن صناديق الاقتراع، فلن يكون أنجز شيئًا غير تعميق الانقسامات في البلاد.

وفي حال مقاطعة الانتخابات، فمن المُرجح أنه ستتبعه هجمات من الحكومة البحرينية على الطائفة الشيعية لعدم مشاركتها، وكونها غير وطنية واتهامها بالتطرف والأصولية- في حين أن الشيعة كانوا يحتجون لسنوات عدة بسبب "الحوار" الذي لا معنى له.

ويمكن تفادي هذه النتيجة إذا أكد الملك نفسه كقائد لكل البحرينيين وأوقف معظم الأعضاء المتمردين في عائلته عن منع التغيير وإيقاف التسوية الحقيقية.

في نهاية هذا الطريق، نواجه الاستياء والسخط وفي النهاية العنف. واليوم، تبحث المعارضة الشيعية عن المساعدة في لندن وواشنطن. وإذا لم تجد أي مساعدة فعلية، وإذا بقي الشيعة محرومين من حقوقهم فعليًا، فإن بعضهم سوف يبدأ باللجوء إلى طهران بحثًا عن المساعدة، وسيشكل ذلك كارثة للبحرين والولايات المتحدة الأمريكية، إذ سيكون نوعًا من "نقيض العراق"، ففي العراق، كانت الحكومة الشيعية التي يقودها رئيس الوزراء نوري المالكي هي التي رفضت التسويات وأدت إلى نفور السكان السنة.

لا ينبغي على الولايات المتحدة اليوم الضغط على الغالبية الشيعية، والتي تقودها جمعية الوفاق، للمشاركة في الانتخابات الآتية مهما حصل. فالقاعدة الموجودة وبنود التسوية لها تأثيرها. وشاركت جمعية الوفاق في البرلمان من العام 2006 حتى العام 2010 تحت الضغط لتجربة اللعبة السياسية وإحداث التغيير وجني الفوائد. ولكن لم يكن هناك أي فوائد، لقد فشلت التجربة. والبحرين اليوم أقل حرية مما كانت عليه منذ عقد مضى. وبدلًا من ذلك، على الولايات المتحدة الضغط على كلا الجانبين للتوصل إلى تسوية حقيقية ذات معنى، وعليها أيضًا حث الملك على التصرف الآن لإنقاذ البلاد من الصراع الذي يبدو واضحًا في الأفق في حال لم يستخدم نفوذه وقوته لقيادة التغيير. ويبدو أن عددًا من المشاكل في الساحة العالمية غير قابل للحل، وشبه ميؤوس منه. إن قيادة حميدة من الملك، إضافة إلى ديبلوماسية أمريكية حكيمة وقوية، قد تساعد البحرينيين على تفادي المخاطر المحدقة بالبلاد.

19 سبتمبر/أيلول 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus