أطفال البحرين: خصوم النظام في السجون #عيد_بلا_طفولة

2014-07-28 - 10:52 م

 

مرآة البحرين (خاص): لماذا يجب على أكثر من 190 طفلا بحرينيا أن يقضوا العيد داخل المعتقلات في "جزيرة السجن"، كما يسميها مساعد وزير الخارجية الأمريكي توماس مالينوسكي؟

شهد العيد الأول في زمن الثورة، 31 أغسطس/آب 2011، أولى المآسي التي حوّلت أعياد البحرينين إلى مجالس عزاء وحداد، مقتل الطفل الشهيد علي جواد الشيخ (14 عاما) في سترة، برصاص قوات النّظام.

منذ ذلك الوقت، والأعياد في البحرين، والتي تحوّلت في الأساس إلى مناسبات ضخمة للاحتجاج، استمرت في حصد الأطفال، بين شهيد، ومعتقل، ومعذّب. ساعة تكون مناسبة لتذكّر هؤلاء الصغار الذين صار عددهم بالمئات خلف القضبان، وساعة تكون مناسبة وقوع حدث جلل على أحد منهم!

حتى سبتمبر/أيلول 2013، تجاوز عدد المعتقلين الأطفال بالسجون البحرينية أكثر من 450 طفلاً، منذ انطلاق الثورة في 14 فبراير/شباط 2011، وذلك بحسب إحصاءات جمعية الوفاق الوطني.

حالات القتل خارج نطاق القانون للأطفال بلغت 16 حالة في الفترة الزمنية من 14 فبراير/شباط 2011 وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وهو العدد الذي فاق 20 حتى اليوم.

بين عين النهّام ومدرسة هشام حسن

في 13 يونيو/حزيران 2012، كان الطفل أحمد النّهام (5 سنوات) إلى جانب والده الذي يبيع السمك في أحد شوارع منطقة "الدير"، حين صوّبت قوات النّظام رصاص الشوزن الانشطاري إلى وجهه بشكل مباشر، وأمام مرأى والديه فقد النّهام إحدى عينيه، وظل يسبح بدماء وجهه!

وإن كانت إدارات بعض المدارس قد استدعت أهالي بعض الطلاب إلى جلسات تحقيق معهم بسبب بعض الرسومات على طاولاتهم الدراسية، من قبيل مجسم دوار اللؤلؤة، فإن الطفل هشام حسن (8 سنوات) أوقف عن المدرسة في 8 يناير/كانون الثاني 2013 وتعرض للضرب من قبل أعضاء إدارة المدرسة أمام أقرانه بسبب ترديده شعارات سياسية وأدخل لجنة تحقيق بالمدرسة دون علم والديه.

اطفال

صورة الجيلاني على منصة التخرج

في 24 يوليو/تموز 2014، كرّمت جمعية الوفاق الشاب المتفوق محمد عبد الرضا الجلابي، الّذي تخرج من الثانوية العامةبمعدل 95٪، رغم أنّه محروم من الحرية، ولذا خصّص له مقعد خال على المنصّة وضعت عليه صورته.

الأطفال في محاكم الطوارئ

وشهدت محاكم الطوارئ العسكرية (فترة السلامة الوطنية: مارس/آذار حتى أكتوبر/تشرين الأول 2011)، محاكمة فتيان لا تصل قامتهم إلى طول السياج الذي يطوّق قفص الاتهام، كان هؤلاء الفتية لا يملكون حتى القدرة للرد على أسئلة القاضي. بعض القضاة كان يأخذهم التردد فيسألون الفتية عن أعمارهم، أحد القضاة كان يسأل طفلا لم يترافع عنه محام: ماذا تريد؟ هل تطلب تخفيف الحكم؟ يهز الطفل رأسه: نعم! ويدوّن القاضي!

ومنذ العام 2010، أي خلال الأزمة الأمنية التي سبقت ثورة 14 فبراير، اعتقل النظام عشرات الأطفال والفتية (سواء الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، أو الذين تقع أعمارهم بين 16 و18 عاما).

وصار ليس من الغريب أبدا أن يتعرّض للمحاكمة أطفال بعمر 10 سنوات (كالطفل علي عيسى المعاميري) أو 11 عاما (كالطفل جهاد السميع والطفل علي حسن)، أو 12 عاما (كالطفل ميرزا عبد الشهيد)، أو 13 عاما (كالطفل سلمان مهدي والطفل محمد صادق العرب).

أصغر إرهابي في العالم

الفتى جهاد الحبشي (18 عاما)، اعتقل حين كان عمره 15 عاما (يوليو/تموز 2011)، وحوكم وفقا لقانون "الإرهاب" ليكون ربما أصغر إرهابي يحاكم في العالم، ويحكم بالسجن 10 سنوات.

أما الطفل إبراهيم المقداد، والمحكوم هو الآخر بالسجن 10 سنوات بتهم "الإرهاب" أيضا، وجد نفسه مضطرا إلى مخاطبة بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، من سجنه "أنا الطفل المعتقل الإنسان إبراهيم المقداد من مملكة البحرين، أخاطبك برسالتي من داخل سجني دون النظر أنني طفل أحاكم بقضايا إرهاب أجهل معرفتها... هناك أطفال أدخلوا الى السجون وأنا أصغرهم، تم إعتقالي بتاريخ 27 يوليو 2012 حينما كنت عائد من حديقة اللهو القريبة من منزلي، أصدرت المحكمة في 4/4/2013 الحكم بسجني 10 سنوات لقضايا عديدة أذكر منها التجمهر مما يعني التظاهر، أريد أن أتوجه لك برسالتي هل التظاهر السلمي إذا كنت أشارك به يقضي بحكمي 10 سنوات".

منظمة العفو الدولية قالت ساخرة إن السلطات البحرينية حينسجنت المراهقين جهاد الحبيشي وإبراهيم المقداد اضطرت إلى تفصيل بدلات بمقاسهما لأن ثياب السجن غير متوفرة بهذا القياس، وأكدت أن قضية جهاد وإبراهيم تختصر ما يعانيه عشرات من الأطفال البحرينيين المحتجزين.

الطفل حسين هاشم فردان كان ملاحقا من السلطات منذ أغسطس/آب 2011، أي وهو في عمر 14 عاما، وتعرّض منزله للاقتحام أكثر من 50 مرة بحثا عنه، قبل أن يعتقل العام الماضي. بينما أطلق النار على الفتى صادق العصفور (17 عاما) قبل أن يعتقل خلال مطاردة راح ضحيّتها الشهيد فاضل عباس مطلع العام الجاري.

إن أكبر دليل على أن النظام البحرين يريد أن يستهدف الأطفال في حد ذاتهم، بشكل متعمّد ومقصود، حتى وإن كان لا يستند إلى أي ذريعة، بل إلى تهم كيدية ملفّقة، هو اعتقال بعض الفتيان المعاقين، مثل جاسم البناء (17 عاما) وهو مريض بمرض نادر في القلب، وتوجيه تهم خيالية لأطفال، مثل حرق مدرعة، أو الاعتداء على رجال أمن، أو غيرها، رغم أن أجسامهم لا تمكنهم حتى من الهرب!

تعذيب الأطفال... ما لا يصدّق

ولم يقف سجل التنكيل بالأطفال عند هذا الحد، بل انحدرت الأمور إلى مستوى لا يصدّق بعد تأكد الأنباء عن تعذيب أطفال (تقل أعمارهم عن 15 عاما) في مركز سجن الأحداث، وغيره. وكشفت جمعية الوفاق عن تعرّض حدث لا يتجاوز عمره 14 عاما للضرب الشديد ورأسه مغطى، وإنزال ملابسه الداخلية وتعريته وتهديده بالصعق في عورته، ووضع أداة حادة بالقرب من دبره؟ وقالت الوفاق إن النيابة العامة زجرته حين أفصح عن ذلك واتهمته بالكذب، كما لم يحمه قاضي الأحداث حين كرّر شهادته أمامه، وأرجع للسجن رغم كل هذا الرعب الذي يعيشه.

وشهد المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب بعينيه، تعرض العديد من الأطفال والشباب للتعذيب على أيدي حراس السجن، كان من بينهم جهاد الحبشي ومصطفى المقداد، اللذين وضعا في الحبس الانفرادي لمدة أكثر من أسبوع من دون علم أسرهم.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2013، اتهمت منظمة العفو الدولية سلطات البحرين بتعذيب أطفالاعتقلوا خلال الاضطرابات، وقالت إن "عشرات الأطفال تعرضوا للضرب والتعذيب في الاعتقال خلال العامين الماضيين" وأن بعضهم تعرض "للتهديد بالاغتصاب حتى تنتزع منهم الاعترافات"، وأكدت أن "حبس الأطفال وإساءة معاملتهم وتعذيبهم من الأمور المعتادة في البحرين"، وقالت المنظمة إن البحرين "تستخف بالالتزامات الدولية بشكل صارخ وعلى نحو دؤوب، من خلال اللجوء إلى إجراءات قصوى من قبيل فرض عقوبات قاسية بالسجن على أطفال".

اطفال 2

قضية الأطفال في البحرين... من تقرير بسيوني إلى تقرير الخارجية الأمريكية

وفضلا عن وصول قضية الأطفال في البحرين إلى المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومان رايتس ووتش، فإن تقرير الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان في البحرين للعام 2013، أفرد فقرة كاملة عن هذا الملف:

"تعرض الأطفال أيضاً للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وذكرت جماعات حقوق الإنسان أن السلطات اعتقلت الأطفال في بعض الأحيان تحت سن 15 ، وأخضعتهم لأشكال مختلفة من سوء المعاملة، بما في ذلك الضرب والصفع والركل والجلد بخراطيم مطاطية، والتهديد بالاعتداء الجنسي، والحرق بالسجائر، والإساءة اللفظية. وذكرت جماعة حقوق الإنسان المحلية، ومرصد البحرين لحقوق الإنسان في سبتمبر أن السلطات اعتقلت 101 طفل منذ شهر يناير.وأفاد نشطاء حقوقين وجود طفل قاصر بينهم تحت سن 13 عاماً".

ولكن، إذا كان الشهيد علي الشيخ قد قتل بحضور المحقق بسيوني، فلا عجب بعد 3 أعوام أن يقتل الشهيد سيد محمود محسن (14 عاما) في ذات المكان، سترة أيضا، ويترك ملقى على الأرض ينازع الموت بعد أن أصابته عناصر المرتزقة برصاصها.

يحدث كل ما يحدث اليوم برسم المنظمات الدولية، والقوى العظمى. إن المجتمع الدولي الذي لا تهزه جرائم الحرب الكبرى ضد الإنسانية في غزّة، لا يمكن أن يصنع شيئا إزاء جرائم التطهير الطائفي والسياسي الممنهجة في البحرين، حتى لو شملت الأطفال!

أكثر من 190 طفلا بحرينيا في المعتقلات

كما كان يريد أن يغلق مساجدنا ويهين مقدساتنا ويقطع أرزاقنا، يريد النظام أن يضيع أطفالنا في السجون. يريد النظام أن يزيد إحساس أمهاتنا وآبائنا بالقهر، وهم لا يجدون أبناءهم يعايدون عليهم في مثل هذه المناسبة السعيدة، كبقية الأطفال.

أكثر من 190 طفلا بحرينيا يقضون عيدهم في المعتقلات، ورغم أننا نعرف جميعا أن القضية البحرينية ليست قضية معتقلين، ولا قضية أطفال، ولا قضية ضحايا، بل قضية تحول سياسي ينهي نظام الحكم الديكتاتوري المتسلط في البلاد، رغم ذلك، فإن الوقوف على هذه المآسي والتضحيات الحيّة، خصوصا في مستوى الأطفال، يعني أن نقول بأن هذه الثورة مستمرة...

وقد نظّمت جمعية الوفاق الوطني، كبرى القوى السياسية المعارضة، حملة العام الماضي تحت عنوان "اغتيال الطفولة"، كما أن المنظّمات الحقوقية البحرينية وعلى رأسها مركز البحرين لحقوق الإنسان، والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، والمرصد البحريني، اهتموا بهذا الملف بشكل بارز، وقاموا بتوثيق العديد من الحالات وإظهارها للرأي العام، فضلا عن نقلها للمقررين الخاصين عبر آليات الأمم المتحدة وغيرها.

ودأبت كذلك، شبكات القرى على مواقع التواصل الاجتماعي، تويتر، فيسبوك، إنستغرام، وغيرها، على توثيق حالات المعتقلين جمعيا، وعلى الأخص حالات الأطفال والفتية، وذلك عبر حملات منظّمة ومتكرّرة للتذكير باعتقالهم.

وفي كتاب "حصاد الساحات 3" الذي وثّق حراك الثورة في العام 2013، أفردت مرآة البحرين فصلا خاصا عن استهداف الأطفال، كما بذلت المرآة منذ تأسيسها كل ما في وسعها لتغطية ما يجري على الأطفال من مختلف الانتهاكات.

صور العيد

اطفال 3

في صور العيد التي ستلتقط لأطفالكم لا بد أن واحدة منها لن تخلو من رسم علامة النصر، التي اعتادوها منذ أكثر من 3 أعوام ونصف، ولكن، تذكروا أن أطفالنا جميعا ليسوا آمنين، حتى في منازلهم.

تحت صورة كل طفل معتقل هناك قصة، وهناك دموع. في هذه الحملة التي تنظّمها مرآة البحرين، نحن ننقل صورة عيد مختلفة، هي صورة هذا الطفل المعتقل، بتفاصيلها البسيطة، ووقعها الكبير. هي ليست حملة للتباكي، ولا للتظلّم، ولا لبث روح المأساة. هي حملة لكي نتذكّر أن هناك ثمنا لا زال يدفع من أجل المعركة السياسية، حتى من قبل الأطفال.

ستبدأ الحملة بنشر بطاقات المعتقلين في مجموعات بدءا من اليوم عن طريق حسابها على تويتر، علقوا هذه البطاقات، اطبعوها، وانشروها، واصبغوا بها الشوارع، وليكن لكل هؤلاء المضحين والضحايا شأنهم الحي بيننا... لتكن صور الأطفال المعتقلين مع صور أبنائنا في عيدهم.

شكر وتقدير

مرآة البحرين تتقدّم بالشكر والتقدير للمنظّمات التي شاركت معنا في هذه الحملة، وقدّمت لها دعمها الكامل، وهي مرصد البحرين لحقوق الإنسان، مركز البحرين لحقوق الإنسان، والحملة الوطنية الدولية لإطلاق سراح معتقلي الضمير في البحرين "أنا حر".

تتقدّم مرآة البحرين كذلك بالشكر إلى المصمم البحريني القدير الذي قام بتصميم "بطاقة الطفل المعتقل"، والبوسترات المتعلقة بالحملة.

ورغم البحث المضني والمتّسع التي قامت به المرآة بالتعاون مع المنظّمات المذكورة، إلا أن المعلومات الواردة في بطاقات الأطفال المعتقلين، قد تحتاج إلى تحديث أو إضافة، كما أن الحملة قد شملت الحالات التي تمكّنا من الوصول إليها، ونحن على استعداد لتلقّي أي تصحيح أو إضافات من قبل ذوي العلاقة.

اطفال 5

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus