جستين غينغلر: السياسة البحرينية الجديدة: اذهبوا إلى الجحيم يا رفاق

2014-07-18 - 7:59 م

جستين غينغلر، مدونة الدين والسياسة في البحرين

ترجمة: مرآة البحرين

هذا وصف معبر لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث يمكننا أن نقارن رد فعل وزارة الخارجية الأمريكية التي لم تعبر سوى عن" قلق عميق" تعوزه الحماسة إزاء طرد ديبلوماسي أمريكي من قبل دولة حليفة بذات الأسلوب الذي تعبر فيه عن "قلقها العميق" إزاء التصريحات الملتهبة الأخيرة لوزير الزراعة الإكوادوري، أو بشأن نقص سمك الهامور في اللولو.

وهذا هو بالضبط موقعنا في البحرين، التي لا تكلف نفسها حتى عناء تحدي الولايات المتحدة لرؤية مدى جدية تهديدها، فتقول لحاميها السياسي-العسكري القديم، خذ مساعد وزارة الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل واغرب عن وجهي. فقد تم طرد توم مالينوسكي، مدير هيومن رايتس ووتش السابق في واشنطن، الذي تولى منصبه الجديد في عام 2012، يوم الثلاثاء أي بعد يومين من حضوره مأدبة الوفاق الرمضانية، حيث كان يجلس، كما نرى في الصورة أعلاه، إلى جانب صديقه القديم علي سلمان.

يبدو أن صور الحدث التي انتشرت بسرعة عبر الإنترنت - بما في ذلك الصور التي شملت نائب ئيس بعثة السفارة الأمريكية في المنامة - قد أثارت بشكل عفوي قلقًا شديدًا بين البحرينيين السنة، الذين ناشدوا الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة. والبقية، كما يقولون - هو التاريخ. وقبل أن يهبط مالينوسكي على تراب واشنطن تم استدعاء علي سلمان للاستجواب، بسبب انتهاك القانون الذي يمنع الاجتماع مع ممثلين ديبلوماسيين من دون إذن رسمي. (ويبدو أنها المرة الأولى التي يفعّل فيها القانون، المدفوع في المقام الأول بالغضب العلني من اجتماعات السفير الأميركي مع الوفاق.) وأوردت رويترز في تقاريرها بأنه تمت تبرئة الشيخ علي سلمان نفسه، إلى جانب خليل المرزوق، مؤخرًا من تهم تتعلق بـ "الإرهاب".

وبصرف النظر عن" قلق" وزارة الخارجية "العميق" وبعض التعليقات الصادرة عن مالينوسكي نفسه، يبدو أن تحرك البحرين غير المسبوق قد خلق رد فعل رسمي صامت بشكل غير متناسب. ربما عرفت الولايات المتحدة الآن بأن إرسال مديرها السابق في هيومن رايتس ووتش ومؤلف مقال "البحرين: جزيرة السجن" كسفير سياسي إلى البحرين ليس فكرة جيدة. وكما يقول سايمون هندرسون في مقابلة مع صحيفة وال ستريت جورنال بأن "إرسال شخص ينتقد بشدة الولايات المتحدة للذهاب والوعظ في حقوق الإنسان أمر مستفز... قد يبدو مناسبًا .... ولكنه غير ديبلوماسي .... أنت تطلب من البحرينيين الاعتذار عما بدر من خطأ ".

كانت زيارة مالينوسكي للبحرين محاولة توسط للتوصل إلى اتفاق بين الوفاق و"المعتدلين في النظام" (أي ولي العهد) ومن شأنها تأمين مشاركة الوفاق في الانتخابات البرلمانية المقبلة. (على الرغم من أنه لم يتضح لي مما قرأته ما إذا كان مالينوسكي قد التقى بالشيخ سلمان قبل أن يتم طرده). في وقت يرى فيه سنة الخليج حكومة الولايات المتحدة تقدم المساعدة للحكومة الشيعية في العراق ضد التمرد السني، وتواصل الإظهار أنه لا مصلحة لديها في وقف إراقة الدماء في سوريا ضد السنة، وتستعد لتوقيع اتفاق نووي مع إيران، ربما يمكن للمرء أن يرى أن التدخل الأمريكي في البحرين، والذي يتجسدٌ بشخص مالينوفسكي، قد لا يبدو محايدًا أو لصالح السنة العاديين.

قبل زيارة مالينوسكي، لم تكن الأحداث الأخيرة أمورًا مساعدة بما في ذلك مقال طويل في صحيفة نيويورك تايمز يصور الطائفية ما بعد الربيع العربي في البحرين ( ولم تتضمن أي اقتباسات عن مسؤولين حكوميين)، والأهم من ذلك هو مقتل شرطي في انفجار في شرق العكر قبل يوم واحد فقط من زيارة مالينوسكي. وبطبيعة الحال، يقول المنتقدون إن الوفاق والجمعيات المعارضة الأخرى، في الوقت الذي تدعي فيه انتهاكات حقوق الإنسان وتجذب اهتمام الولايات المتحدة والغرب على هذا الأساس، تنتهك في الواقع، حقوق بقية السكان من خلال الاستمرار في إثارة التطرف المميت بينهم.

وتتضح هذه النوعية من ردود الفعل في افتتاحية صحيفة النيويورك تايمز، والتي تحمل عنوان "قرار البحرين السيء". وتكمن فائدة هذا المقال لا في مضمونه، الذي انتقد الخطوة البحرينية ولم يذكر حتى دور مالينوسكي السابق في هيومن رايتس ووتش، بل في تعليقات القراء، التي يمكن تصنيفها ضمن ثلاث فئات معتادة:

  • المعلقون الأكثر مثالية: الولايات المتحدة محقة طبعًا في انتقاد سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان ــــــ يجب على الولايات المتحدة سحب أسطولها الخامس منذ زمن طويل ـــــــ ولولا الببحرية الأمريكية، فلن يبقى لآل خليفة بلد ليقمعوه.
  • المعلقون المناهضون للإمبريالية: طبعًا، تحاول الولايات المتحدة الإطاحة بالحكومة البحرينية، انظروا فقط ماذا فعلت في أوكرانيا ــــ كيف يتم ذلك بالضبط؟ الأنظمة الملكية في الخليج هي أنظمة دكتاتورية ولكنها الصديق الحقيقي الوحيد للولايات المتحدة، ويتعين علينا أن نتوقف عن التعويض عليهم من خلال زعزعة استقرار بلدانهم كلما سنحت لنا الفرصة.
  • المعلقون الواقعيون: إذا كانت مسألة حقوق الإنسان مهمة جدًا بالنسبة لوزارة الخارجية أو حكومة الولايات المتحدة، فيتعين عليها إيقاف إرسال الأمناء المساعدين كل ستة أشهر إلى البحرين، وأن تفعل شيئًا ما بدلاً من ذلك، كالتهديد بسحب الأسطول الخامس. مثل هذه الإشارة مكلفة ولكنها على الأقل تظهر بأنهم جادون، عليهم غض الطرف عن حقوق الإنسان في البحرين وأماكن أخرى، وهذا يؤدي إلى إعطاء أمل مزيف للمعارضة، ويثير غضب المؤيدين للحكومة، ويهين ذكاء الجميع.

وأخيرًا، حول موضوع التعاطي بشكل جيد (أو عدم فعل ذلك) مع الأصدقاء، خرج وزير الخارجية البحريني إلى العلن باتهامات كان يُسَوقها منذ فترة طويلة ضد قطر بأنها تسرق مواطني البحرين (السنة)، والتي كانت السبب الرئيسي، وفق ما قاله الشيخ خالد في مقابلة تلفزيونية، لتعليق العلاقات الدبلوماسية مع قطر. فقد نقلت الجولف نيوز قوله إنه
"تم إغراء عدد من المواطنين البحرينيين بالجنسية القطرية بحجة أن لديهم عائلات في قطر. ولقضية الجنسية بعدٌ أمني. وهناك قضية أخرى، وهي مسألة التمييز الذي يمارسه القطريون بين مواطني البحرين ويتصرفون على أساس طائفي. فإذا كان البحريني سنيًا ومن قبيلة عربية في البحرين، عندئذ يفتح له باب الحصول على الجنسية القطرية. أما، إذا كان شيعيًا، فيغلق الباب بوجهه."
وبطبيعة الحال، بما أن جميع الأسر التي يتم "خداعها" تنتمي إلى الأسر القبلية (الجلاهمة وآل المناعي،على سبيل المثال) التي لديها فروع قطرية، قد يكون التوصيف بأنها ممارسة "طائفية" بطبيعتها، غير صحيح، وذلك يعود ببساطة إلى حقيقة أنه لا يوجد قبائل شيعية في شمال شبه الجزيرة العربية.

13تموز/يوليو2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus