سايمون هندرسون: تراجع العلاقات مع البحرين بعد طرد مسؤول أمريكي رفيع

2014-07-08 - 4:16 م

سايمون هندرسون

ترجمة: مرآة البحرين

قد يؤثر إعلان المنامة الأخير على كلّ من العملية السياسية الحساسة للجزيرة ومصالح الولايات المتحدة العسكرية في المنطقة.

أعلنت الحكومة البحرينية، يوم الإثنين، وبشكلٍ غير متوقع، أن على الدبلوماسي الأميركي "توم مالينوسكي" الّذي يشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الانسان، الّذي وصل يوم الأحد إلى البحرين للقيام بزيارة لمدة ثلاثة أيام، المغادرة "فورًا". ومن المرجّح أن يوقع هذا القرار الاضطراب في خطوات انتخابات الخريف المخطّط لها بعناية، كما يمكن أن يؤثر على عمليات الأسطول الأميركي الخامس، الّذي يقع مقره الرئيسي في البحرين.

وفي إعلانٍ رسمي، أُعلن أن مالينوسكي شخصًا غير مرغوب فيه، ممّا يعني إلغاء تأشيرة دخوله الدبلوماسية. أن يكون "شخصًا غير مرغوب فيه" هو أمر نادر الحدوث، وعادة ما يحدث عند اكتشاف ضابط استخبارات يعمل تحت غطاء دبلوماسي من قبل الحكومة المضيفة، لكن أن يحدث هذا الأمر بين الحلفاء - ويُعلَن عنه في الملأ- هو أمرٌ غير اعتيادي أبدًا.

وكونه مديرًا سابقًا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" غير الحكومية في واشنطن، فلدى "مالينوسكي" سجلّ حافل في انتقاد البحرين علنًا. ففي العام 2012، أي قبل تعيينه في وزارة الخارجيّة، أُلقِي القبض عليه هناك أثناء مراقبته لتظاهرة. وعلى ما يبدو أنّ السلوك الذي اعترضت عليه المنامة هذه المرة كان حضوره مجلسًا رمضانيًا ليل الأحد، تستضيفه "جمعية الوفاق" المعارضة التي تدعمها الأغلبية الشيعية في البحرين. هذا ويبدو أن مالينوسكي لم يعقد أي اجتماعات رسمية مع الحكومة البحرينية حتى تلك اللحظة.

ذكرت وكالة الأنباء الرسمية في البحرين أن مالينوسكي "قد تدخل بالشؤون الداخلية البحرينية وعقد اجتماعاتٍ مع طرفٍ معين على حساب محاورين آخرين، مما يخلق تمييزًا بين الشعب الواحد، وهذا ما يعتبر مخالفًا للأعراف الدبلوماسية وانتهاكًا للعلاقات الطبيعية بين الدول". وقد تكون الحساسية في البحرين توضحت في نهاية هذا الأسبوع من خلال قصةٍ نشرتها صحيفة "نيو يورك تايمز" تصف فيها الانقسام الطائفي بين الأقلية السنية الحاكمة في الجزيرة والسكان الشيعة من دون الاقتباس عن أي مسؤولٍ حكومي.

هذا وكانت السياسة الأمريكية تجاه البحرين حائرة منذ فترة طويلة بين قلقها على الشيعة المحرومين اقتصاديًا وسياسيًا وامتنانها لعائلة آل خليفة الحاكمة بسبب استضافتها للأسطول الأمريكي الأساسي. وقد كانت تحاول واشنطن منذ مطلع العام 2011 عندما مُنعت التظاهرات المطالبة بالديمقراطية والتي أدت إلى استقالة البرلمانيين من حزب الوفاق، إعادة إحياء العملية السياسية للانتخابات التي مقرر أن تجري آخر السنة الحالية. فضلًا عن ذلك، أطلق سراح خصم قديم لآل خليفة في أيار/ مايو وتمت تبرئة مسؤول في الوفاق من تهم تتعلق بالتحريض والتشجيع على الإرهاب وفي حزيران/ يونيو - وفي اليوم التالي، حدث اتصال بين نائب الرئيس بايدن والملك حمد أكد فيه بايدن على "الاهتمام الأمريكي المستمر بأمن البحرين واستقرارها والإصلاح". وعليه، أدانت كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي في نهاية الأسبوع الفائت مقتل شرطي باكستاني يعمل في قوات الأمن البحرينية.

كان من شأن خطوات كهذه أن تشجع تدابير بناء الثقة التي تهدف على حث مشاركة حزب الوفاق في الانتخابات، ولكن من المرجح أن تكون هذه الخطوات قد خرجت الآن عن مسارها المحدد. أما في حال حصول الأمر، فقد تفرح بعض الفئات في البحرين؛ بما فيها الطائفة السنية التي تنظر بارتياب إلى الطائفة الشيعية من أبناء بلدها- التي تتشارك مع الإيرانيين الطائفة نفسها، علمًا أن إيران تبعد 100 ميل عن الخليج. وفي داخل العائلة المالكة، ينظر إلى ولي العهد سلمان ووزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة كداعمين للإصلاح على الرغم من تصدي بعض الأقارب من ذوي النفوذ الذين يعملون في الجيش والأمن لسلمان. ويٌذكر أن هؤلاء الأقارب ضغطوا على الملك لعدم تقديم أي تنازلات للشيعة.

وعلى الرغم من إشارة بايدن إلى العلاقة التي دامت سبعة عقود، كان هناك تحدٍ في العلاقات الدبلوماسية المستجدة حتى قبل الحادثة الأخيرة، فقد سرب مفتش في السفارة الأمريكية تقريرًا في آذار/ مارس يعكس فيه صورة السفير توماس كرايسكي السلبية في وسائل الإعلام التي تملكها الحكومة. وقد ورد في التقرير أيضًا "تعاني نشاطات الشؤون العامة نقصًا في التخطيط الاستراتيجي". وفي غياب كرايسكي عن البحرين بإجازة في أمريكا، رافق مالينوسكي نائب رئيس البعثة وموظفون آخرون من السفارة إلى مجلس مثير للجدل باستضافة حزب الوفاق.

وبسبب التوتر السني- الشيعي الراهن في البحرين وأهمية موقعها الاستراتيجي في الخليج، تعتبر الجزيرة جزءًا أساسيًا للنقاشات الأمريكية السياسية حول قضايا إقليمية ملحة؛ بما فيها: التطورات الراهنة في العراق وبرنامج إيران النووي والتخريب الإقليمي وقضايا الطاقة. هذا ويمثل طرد مالينوسكي وهدة كبيرة غير لائقة للعلاقات الثنائية التي ستحتاج كلتا الدولتين أن تعيد بناءها على الفور قبل أن تؤدي إلى نتائج سلبية.

سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد في معهد واشنطن.

7 تموز/يوليو2014

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus