جون لوبوك: عن ترحيل معارضين بحرينيين من بريطانيا إلى البحرين

سيد أحمد الوداعي
سيد أحمد الوداعي

2014-05-30 - 7:32 م

جون لوبوك، موقع فايس البريطاني

ترجمة: مرآة البحرين

قصدت يوم الأربعاء مركز هارموندسورث لمقابلة عيسى حيدر العالي- وهو متظاهر بحريني يبلغ من العمر 19 عامًا، كان قد احتجز فيه خلال الذكرى الثالثة للانتفاضة في 14 شباط/فبراير 2014، حين دخل بريطانيا بجواز سفر شرعي طالبًا اللجوء.

وكان من المفترض أن يتم ترحيله يوم الخميس إلى البحرين، حيث يمكن أن يتعرض للتعذيب - وأن يكون ضحية أخرى لحكومة البحرين، ولكن ايضًا ضحية مخطط الترحيل السريع لحكومة المملكة المتحدة التي ترفض اليوم 99% من طلبات اللجوء.

في طريقي إلى مركز هارموندسورث - ذات المظهر الكئيب إذ أن مبناه الذي يجاور مطار هيثرو يشبه السجن - قام سيد أحمد الوداعي_، وهو ناشط بحريني بارز يعيش أيضًا هنا في المنفى في لندن _ بإجراء مكالمات هاتفية تبرز قلقه مع محامين، في المقعد الخلفي من السيارة. في تلك اللحظات كانت محكمة الاستئناف تعقد جلسة استماع تتعلق بقضية حيدر، وإذا فشل الاستئناف، ستتم إعادته إلى البلد الذي حكم عليه غيابيًا بالسجن لخمس سنوات في المحاكم التي تسيطر عليها الحكومة.

كانت وسائل الإعلام الموالية للحكومة مسرورة جدًا لاحتمال عودته. فقد نشرت صحيفة أخبار الخليج مقالًا حول القضية، تتهم فيه كل اللاجئين السياسيين البحرينيين بالإرهاب. وخلصت إلى القول إن "رفض البريطانيين توفير اللجوء السياسي لحيدر هو بالتأكيد ليس خطوة كافية من قبل حكومة بريطانيا فنحن نعتقد بأن الخطوة الأكثر صوابًا وفائدة للسلطات البريطانية هي مراجعة جميع ملفات اللاجئين السياسيين البحرينيين في المملكة المتحدة وسحب كل التراخيص النفعية التي تلقوها من الحكومة البريطانية للعيش هناك والتمتع بمناخ أوروبا البارد وتوجيه الإهانات والشتائم والتآمر على حكومة البحرين."

في 9 أيار/مايو، رفضت وزارة الداخلية البريطانية طلبه اللجوء، مشيرة في رسالة الرفض إلى أن "الحكم على جريمة لا يعني بالضرورة الاضطهاد بدلًا من الملاحقة القضائية." وبدا الأمر كأن وزراة الداخلية لم تقرأ عن أساليب معاملة السجناء السياسيين في البحرين. وإذا كان هذا ما هو الأمر عليه، فالجواب هو: أن هذا سيء، سيء للغاية. أمير البلاد ناصر بن حمد آل خليفة يواجه احتمال فقدان حصانته الدبلوماسية في المملكة المتحدة بتهمة تورطه في تعذيب السجناء في انتفاضة 2011.

يوم الثلاثاء 20 أيار/مايو، سلم موظفو وزارة الداخلية البريطانية تبليغًأ نهائيًا لحيدر بترحيله يوم الخميس. ولكنهم جاءوا بأوراق المعتقل الخطأ، ولم يكن هناك أي مترجم.

في الواقع، كانت معاملة عيسى في بلد اللجوء هنا معيبًا جدًا من الناحية القضائية فهو كالمحاكمات في البحرين. فقد بقي عيسى مدة شهر تقريبًا من دون محام، ولم يتم إبلاغه بضرورة ترجمة وثائق المحكمة، الوثائق التي لم يُنظر حتى بشأنها بعد أن تم رفض طلبه الأول. وكان عيسى واحدًا من الذين أضربوا عن الطعام في وقت سابق من هذا الشهر احتجاجًا على المعاملة التي يتلقونها.

عندما وصلنا إلى المركز، مشينا إلى غرفة الانتظار حيث تم أخذ بصماتنا وأبرزنا دليلين على هوياتنا قبل أن يخبرونا بأننا نستطيع فقط إدخال أوراق بيضاء وأقلام معنا، ثم أعطونا عصابات برتقالية للمعصم، ما جعلني أشعر بأني على وشك حضور مهرجان محزن للغاية.

كانت الساعة قد ناهزت التاسعة مساءً، وبدأ القلق يساورني، فليس لدينا وقت طويل لمقابلة عيسى قبل أن يحين موعد إغلاق المركز. ولكن أثناء دخولنا المبنى، تلقى سيد أحمد اتصالًا يقول بأن القاضي الذي ينظر في الاستئناف النهائي كان أكثر تعاطفًا وقد أجّل الترحيل لمدة أسبوع.

بعد تفتيشنا للمرة الأخيرة، تجاوزنا مجموعة من الأبواب الجرارة إلى غرفة كان حيدر ينتظرنا فيها بهدوء. وقابلنا عيسى: كان شعره قصيرًا ويرتدي ثيابًا رياضية واسعة مع . بدا متعبًا، وهذا ليس غريبًا لشاب على وشك أن تتم إعادته إلى السجن والتعذيب. قال له سيد أحمد: "تهانينا، لقد تم تأجيل الترحيل"
أجاب عيسى"حقا؟". لم يقفز- بالضبط- من الفرح، ولكن ردة فعله كان أشبه بردة فعل عدّاء ماراتون أنهى للتو سباقًا ليدرك في النهاية أنه مجبر على السير في طريق العودة إلى حيث ترك سيارته.

سألت عيسى: كيف تشعر؟ فأجاب:"هذا هو الخبر الجيد الوحيد الذي سمعته منذ اعتقالي في المملكة المتحدة، وهو خطوة إيجابية من المحكمة. ما زلت غير واثق بالخطوات المقبلة التي سوف تتخذها وزارة الداخلية. مررت بتجربة مؤسفة، هذا مجرد قرار مؤقت."

سألته عن المعاملة التي تلقاها من الشرطة البحرينية عندما تم اعتقاله ثلاث مرات بتهمة الاحتجاج فأجاب:" تم اعتقالي للمرة الأولى في 15 شباط/فبراير 2013 بتهمة الشغب والتجمهر غير القانوني. احتجزتني الشرطة وقامت بتعذيبي. أخذت الشرطة أقوالي ولكن حين طلبوا مني التوقيع عليها، اكتشفت أنه قد تم تغييرها. في ذلك الوقت، أخذوني إلى النيابة العامة، كنت متعبًا نفسيًا وجسديًا من جراء الضرب. ولم أستطع رفض أي شيء، فقد كنت تحت سيطرتهم."

أخبرني عيسى بأن يديه كانتا مكبلتين خلف ظهره بقيود بلاستيكية (لا تزال آثارها على معصميه) وأنه وُضِع في سيارة واقتيد إلى منطقة قريبة من خان مهجور بالقرب من بلدة السنابس، هذا المكان مشهور باقتياد المعتقلين إليه للتعذيب لأن الشرطة لم تعد قادرة على القيام بذلك في مراكز الشرطة بعد تثبيت الدوائر التلفزيونية المغلقة CCTV كجزء من التزام الحكومة ظاهريًا بالإصلاح.

قال عيسى: " لقد وضعوا مسدسًا في رأسي وسألوني هل أنت الشهيد التالي؟"

بينما كان عيسى في سيارة الشرطة، جردوه من سرواله ووضعوا سكينًا على أعضائه التناسلية.وسألوه،"هل تريد الاعتراف، أم تريد أن نقطع لك عضوك؟"

وصلت سيارة الشرطة إلى الخان المهجور واقتيد عيسى إلى خارجها ودُفع أرضًا. وضع أحدهم حذاءه على رأس عيسى قبل أن يبدأ الآخرون بركله. تبادل رجال الشرطة الأدوار بحيث أحس الجميع بمتعة ضربه. استمر هذا الوضع حوالي نصف ساعة قبل إعادته إلى مركز الشرطة حيث أجبر على الانتظار معصوب العينين، خائفًا من استئناف الضرب مرة أخرى في أي لحظة. تم إطلاق سراحه بعد ثلاثة أشهر بعد دعم تلقاه من قبل نشطاء حقوقيون في البلاد.

بعد اعتقاله والافراج عنه لمرتين أخريتين، وبسبب القضايا المرفوعة ضده في المحاكم واحتمال تلقي عقوبات أخرى طويلة، قرر عيسى مغادرة البحرين.

سألت عيسى إن كان الأطفال البحرينيون في القرى المعارضة يشعرون بعدم وجود مستقبل لهم في البحرين. فأجاب أن "الشباب في البحرين هم ضحايا ظلم وجور النظام. الثورة في البحرين ليست ثورة "خبز" - إنها ثورة "إصلاح" سياسي . هناك الكثيرون ممن يدعون للإفراج عن أقاربهم، وتحسين حالة حقوق الإنسان والحقوق الديمقراطية. مطلبنا هو السعي لتحقيق العدالة في قضايا الحصانة. إذا عدت إلى البحرين، فهذا يعني عودتي إلى حيث الموت والتعذيب."

يوم الأربعاء كانت هناك أخبار عبر تويتر تتحدث عن وفاة صبي يبلغ من العمر 14 عامًا خلال مظاهرة، وسبب الوفاة هو رصاص الشوزن الذي أطلقته الشرطة عليه عن قرب.

تابعت سو ويلمان، وهي محامية في مكتب دايتون بيرس جلين، قضية عيسى حيدر العالي في محاولة لإخراجه من الاحتجاز. حيث قالت إن "استمرار اعتقاله كشاب عمره 19 عامًا وناجٍ من قضية تعذيب مع شبح الإبعاد يخيم على حياته يمثل ظلمًا خطيرًا. القضايا البحرينية ليست واضحة ومن الواضح أنها جديرة بالمتابعة ويجب أن لا تتم معالجتها في إطار مخطط المسار السريع. أنا لا أفهم لماذا تم منح البحرينيين اللجوء بهذه السهولة سابقًا فيما يتخذ مكتب الهجرة الآن مسارًا معاكسًا."

على عيسى الآن تقديم دليل جديد للنظر إليه في الأسبوع المقبل، لأن دعوته الأولى جاءت قبل الحكم عليه غيابيًا. المدافعون عن عيسى واثقون إلى حد ما بقضيته، فمدى وضوح مواجهته مصيرًا قاتمًا يبعد عنه شبح الترحيل. إذا سمحوا له البقاء، فهذا سوف يكون نوعًا ما حالة نادرة في نظام اللجوء المعمول به في المملكة المتحدة. كان عيسى طي النسيان في مركز الاحتجاز مدة ثلاثة أشهر وبالفعل تم رفض أدلته الدامغة حول مصيره من دون مراعاة الأصول القانونية. هذا الأسبوع تم تأجيل ترحيله قبل عقد الاستئناف الأخير. ولا يزال احتمال إجباره على العودة إلى البحرين احتمالًا مخيفًا.

 

23 أيار/مايو2014

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus