الخميس: كان يوما شاقا على حكومة البحرين

2011-08-07 - 5:40 م


مرآة البحرين (خاص): في حساب البورصات، فقد "مؤشر" حكومة البحرين يوم الخميس، الكثير من رصيده المتراجع أساساً، وتلقت الحكومة عدة ضربات موجعة في يوم واحد، ما كبدها خسائر فادحة. كان الخميس يوماً تعيساً جداً على الحكومة، وربما هو من "أسوأ الأيام التي لم تعشها بعد"، وبات من المتوقع أن تكون معزولة أكثر سياسياً، وفي وجه النار دائماً.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستمر فيه مسرحية "الحوار" في إحراز فشل تلو الآخر، بعد أن أخفقت في لفت الأنظار إلى بدء فصل جديد فيها، عن طريق نائب رئيس مجلس الوزراء  محمد بن مبارك آل خليفة الذي وجه للبدء بالعمل على التعديلات الدستورية بناء على "مرئيات الحوار" وأحال هذه التعديلات إلى لجنة الصياغة الدستورية برئاسة وزير العدل خالد بن علي آل خليفة.

وكانت أهداف لجنة المتابعة التي رأسها مبارك "المضي قدما في تطوير النظام الديمقراطي في مملكة البحرين"  و"تذليل أي تحديات أو معوقات من أجل تلبية تطلعات الإرادة الشعبية" و"تطوير مكاسب البحرين في التطور السياسي والديمقراطي"  و"انتقال مملكة البحرين إلى مرحلة جديدة من العمل الوطني المثمر والبناء"

لكن الهدف الصريح للجنة، هو ما دعته "إيضاح ذلك للرأي العام المحلي والعالمي والحفاظ على سمعة حكومة البحرين كداعم للنهج الديمقراطي وتعزيز الحقوق والحريات" لكنها تفاجأت أنها تفشل فيه منذ اليوم الأول.


بداية اليوم: اعتصام لعائلة مفصول أمام ألبا وتدشين حملة عمالية

في الصباح الباكر، وتحت هجير الشمس، ذاع خبر اعتصام عائلة عائلة مكونة من أربعة أفراد أمام  شركة ألمنيوم البحرين "ألبا"، للمطالبة بإعادة معيلها للعمل بعد فصله تعسفياً، رغم أنه عمل لأكثر من 4 أيام متواصلة (80 ساعة عمل إضافية) ولم يغادر الشركة خلال الفترة التي شهدت البلاد فيها اضطرابات أمنية وإضراباً عن العمل.

وغطت صحيفة الوسط خبر اعتصامه في صفحتها الأولى هذا اليوم، وأثار اعتصامه ردود فعل واسعة وضجة كبيرة، وتدخل الأمن لإبعاده، في حين لم ينزل أحد من الإدارة للتحدث إليه أو الاستماع لتظلمه وشكواه. ولم تقف قضية المفصولين عند هذا الحد، إذ يبدو أن الصراع والسجال فيها سيحتد كثيراً بين المفصولين وعوائلهم وبين الحكومة، حيث يعتزم مفصولون الاعتصام أمام منزل الرئيس التنفيذي لشركة نفط البحرين "بابكو" فيصل المحروس، كما انطلقت مؤخراً أولى فعاليات حملة (العودة للعمل...حقي).

 وجاءت الفعالية الأولى تحت عنوان (التسوق الافتراضي في سيتي سنتر) ودعت إلى تجمع المفصولين في إحدى أروقة سيتي سنتر، رافعين لافتات تشير إلى أن قدرتهم الشرائية تساوي صفر، وتوعد المنظمون بالإعلان عن فعاليتين أخريين قريباً، هما عريضة المفصولين وأكبر كتاب للسير الذاتية.


منتصف اليوم: إفراجات وتنازلات
وأفرجت السلطات بشكل مفاجئ يوم أمس عن المعتقل سعيد عياد موظف منظمة أطباء بلا حدود، واعتبر مراقبون الحكومة مجبرة على ذلك، خوفاً من المزيد من الفضائح، على مستوى الشأن الطبي، بعد أن تناقلت وسائل الإعلام الدولية البيان الذي أصدرته "أطباء بلا حدود" حول حادثة اقتحام مكتبها واعتقال عياد.

واتهمت المنظمة في بيانها السلطات البحرينية بانتهاك حق تلقي الرعاية الطبية، واعتبرت انتهاك مرافق المنظمة واحتجاز المتطوعين الذين يعملون لديها أمر غير مبرر وغير مقبول، ورأت في بيانها أن العمل في إطار الحدود المرعية لأداء واجب الرعاية الطبية في البحرين لم يعد ممكنا من دون عواقب سلبية، مضيفة أنها اشتكت إلى وزارة الداخلية البحرينية.

من جانب آخر، شملت الإفراجات عضو جمعية العمل الإسلامي السيد محمد العلوي، وآخرين، فيما أسفت جماعات (موالية للنظام) على أنباء أخرى بقرب الإفراج عن دفعة جديدة من الموقوفين على ذمة الاحتجاجات السياسية.

 

قبيل الإفطار: منصور الجمري إلى الوسط مجددا

وفي وقت قياسي، انتشر قبيل موعد الإفطار خبر إعادة منصور الجمري لرئاسة تحرير صحيفة الوسط من قبل مجلس الإدارة، رغم أنه لم يصدر بشكل رسمي، وتناقلت الخبر بشكل واسع جدا العديد من مواقع الإنترنت والصحف الرسمية والمشاركون في تويتر وفيسبوك، وصار مدار نقاش وردود فعل كبيرة جداً، وبينما فرح به أنصار 14 فبراير واعتبروه نصراً لهم، صدمت به الحكومة وموالوها.

وشكل القرار الذي اتخذه مجلس الإدارة برئاسة فيصل جواد مفاجأة للحكومة من العيار الثقيل، وانتشرت التخوينات والإحباطات ومشاعر السخط من موالي النظام احتجاجاً على هذا "القرار الإداري"، أما الحكومة نفسها فسرعان ما تحركت لتضغط على فاروق المؤيد رئيس مجلس الإدارة (الذي غاب عن الاجتماع بسبب السفر) تجاه إعلان موقف.

ولم تستطع الحكومة تحمل الصمت أكثر من ذلك، وطار عقلها خوفاً من بعبع "منصور الجمري" العصي على الكسر والتسقيط، فنشرت وكالة أنباء البحرين خبراً بان فيه بوضوح مقدار الغيظ والحنق الذي أصاب النظام بسبب هذا القرار.

وجاء في الخبر تصريح لفاروق المؤيد وصف فيه القرار بالباطل. وفي سلوك طائش ومضحك، عدّد الخبر الحكومي "الرسمي" في سابقة من نوعها، أسماء أعضاء مجلس الإدارة الموافقين والرافضين لهذا القرار، رغم أنه إجراء داخلي في شركة خاصة.  

لكن منصور الجمري عاد إلى الوسط فعلاً، وتلقفت الأيدي عدد الصحيفة يوم الجمعة بعد أن انتشرت حملة تدعو لشرائها حتى ينفد كتهنئة للجمري على عودته، وتصدر الخبر الصفحة الأولى من الصحيفة، وبانت لمسات الجمري مرة أخرى عليها، كما عاد عموده من جديد، مؤكدا على أن الوسط ستبقى كلمة طيبة في أرض طيبة.

أما الآخرون فلا زالوا ينتظرون بفارغ الصبر، اجتماع الجمعية العمومية يوم الأحد وماذا سيفعل المؤيد؟

 

 
تقرير المصير 6: الأضخم والأقوى
وفي وقت مبكر ليلاً، شهد مهرجان تقرير المصير 6 لائتلاف 14 فبراير، في بني جمرة، حضوراً فاق التصورات، واستمر تواجد أنصار الائتلاف في الشوراع حتى ساعات متأخرة من الليل، وتوزعوا على عدة مناطق من القرية، وكما كان متوقعاً فقد حاصرت قوى الأمن بني جمرة، ومنعت الدخول إليها، لكن ما لم يكن متوقعاً أن تكون التظاهرة بهذا الحجم وهذه القوة.

واضطرت الداخلية بحسب بعض الأنباء إلى تزويد القوات بالذخيرة بعد أن نفدت منها، ووصف أحد الحاضرين بني جمرة بأنها ساحة حرب، وقال إن المتظاهرين جعلوا من القرية بأكملها ساحة اعتصام، وقال أحدهم ساخراً إن وزارة الداخلية كلها تواجدت في بني جمرة، تعليقاً على أعداد قوات الأمن.

 وأظهرت صور ومقاطع فيديو شبابا يرتدون العلم ويقابلون قوات الأمن لإقناعهم بسلمية التحرك، وجرت ملاسنة كلامية بين أحدهم ورجل أمن، واستخدم الأخير في رده على الشاب عبارات عنصرية حاقدة مثل "اذهبوا إلى إيران"، وانتهى الحوار بينهما بسيل من الطلقات.

وتوسعت رقعة الاحتجاجات في مناطق كثيرة جداً وبشكل غير مسبوق، وخرجت مظاهرات مساندة في الدراز وباربار والدير والسنابس وسترة وبوري وجدعلي والصالحية ورأس رمان وغيرها، وأصيب نبيل رجب بطلقة في رجله، كما أصيب السيد جواد الوداعي باختناق، وأصيب أحد المتظاهرين برصاص انشطاري في عينه.

وغطت عدة قنوات إعلامية الحدث مثل بي بي سي والجزيرة الإنجليزية، واعتبرته شخصيات عدة الأضخم على مستوى مهرجانات تقرير المصير، والأطول وقتاً، وتكثف استخدام الصفارات على النغمة المعروفة في جميع القرى بعد أن قامت جماعات بتوزيع عدد كبير منها مجاناً، ما أدخل قوات الأمن في هياج، وجعلها توجه إطلاقها إلى أروقة وأسطح المنازل، كما قامت بتخريب بعض السيارات بشكل متعمد.

وتعطلت عدة شوارع رئيسية بسبب الاحتجاجات، ولتكون في الحدث الذي تردد صداه كثيراً، أصدرت وزارة الداخلية تصريحاً ادعت فيه أن حادثاً مرورياً تسبب به متظاهرون سكبوا زيتاً في الشارع القريب من مجمع الدانة، وأنها تتعامل مع عدد من الخارجين على القانون في عدة مناطق.


بسيوني مصدوم والحكومة متورطة به
وبعد حادثة لجنة بسيوني في مركز شرطة البديع مع الطفل الذي أطفئت السجائر في جسده، صار من المتوقع أن يحوّل بسيوني التحقيق إلى الشارع أو إلى مراكز الاعتقال، فهو متحير فيما إذا كان عليه أن يحقق فيما مضى، أم فيما يحدث الآن، وأمام مرأى عينه، وهو لا يريد أن ينتظر ليجد أحد المصابين ينقل إلى مقر لجنته للعلاج لأنه لا يجد من يعالجه.

تورّط بسيوني، وتورطت به الحكومة، لكنه "حتى الآن" لا زال صابراً ومتمسكاً بالملك وولي عهده، ولربما  يبحث عن رأس أخرى مسئولة عما جرى، واستمرار ما يجري.

وفي يوم الخميس نفسه، ذهب عدد كبير من الطلاب والطالبات المفصولين من جامعة البحرين إلى مقر لجنة تقصي الحقائق للقاء السيد بسيوني وأعضاء لجنته بخصوص قضيتهم، وتفاجأ بسيوني وقضاته بالعدد الكبير من المفصولين، وزاد استغرابه من أن بعضهم معدله الدراسي 4.0 (أي علامة كاملة)، ووثقت شكاوى الطلاب، وحصلوا على وعود من اللجنة بأن يرفع ملفهم للوزير فوراً.

 

تقرير الجزيرة... طيّر النوم من الرؤوس

في آخر الليل، وتحديداً في الساعة الحادية عشرة، كانت الحكومة على موعد مع تطور خطير جداً على المستوى الدولي، "البحرين تصرخ في الظلام"، برنامج وثائقي خربط أحوال الحكومة وخططها، وجعل يومها التعيس أطول، إذ عز على العيون الرقاد، بعد كل هذه الفضائح، ومن قبل الأشقاء أيضاً!

وكما نشرت مرآة البحرين، ليس سجال وزير الخارجية الذي اتهم قطر بالعداوة صراحة، مع السفير القطري، هو الذي بين كيف تلقت السلطة هذه المفاجأة، لكنها الإشاعة التي تبعت ذلك عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين قطر والبحرين، والتي كان مصدرها حكومي بلا أدنى شك.

أما الموالون، وأبواق النظام، فلا أقل من القول بأنه قد جن جنونهم. إذ نال السفير القطري سيل من الشتائم والسباب تعرف فيها عن قرب بثقافة الطرف الآخر في هذه البلاد، وطلب أحدهم من السفير أن تعرض الجزيرة برنامجاً عن استيلاء أمير قطر على الحكم من أبيه، وانضم آخر فجأة إلى صف كل من يتهم الجزيرة بالتحريض على الفتنة والثورة في الدول العربية بما فيها سوريا واليمن، وعارضته صحفية "مثقفة" مطالبة القناة بالابتعاد عن البحرين، والتركيز على سوريا فقط.

أما النواب وعبر صحيفة الوطن، فقد قالوا "إن قناة الجزيرة تمادت في الإساءة للبحرين وتشويه صورتها لدى المجتمع الدولي، رغم أن الإعلام البحريني لم يسئ قط إلى قطر". وبشكل مثير للضحك والشفقة، ضم النواب القناة إلى قائمة "الداعمين لولاية الفقيه وتمكين النفوذ الإيراني" وطالبوا الحكومة بتقديم احتجاج.

ويعيد هذا السجال الذكريات إلى تأزم العلاقة بين البلدين في التسعينات، إثر تصريح لوزير خارجية قطر، فقد حمل عدد جريدة الأيام في اليوم التالي للتصريح، صورة للوزير على شكل ورقة اللعب (جوكر) ضمن خبر بعنوان (الثرثار حاوي قطر، يلعب بالبيضة والحجر).

ولم تستطع الحكومة ولا النواب الموالون ولا أتباع النظام، أن يردوا على شيء من موضوع الفيلم الوثائقي، وغاب النقاش تماماً عما قاله وعرضه البرنامج، وربما يكون ذلك أوضح دليل واعتراف بأن ما عرض لا يمكن تكذيبه أو الرد عليه.

وكانت الحكومة مطمئنة إلى منع قناة الجزيرة (العربية) من التغطية وتسليط الضوء عليها، بعد اتصالات رفيعة المستوى، لكن المهمة أوكلت إلى الجزيرة (الإنجليزية) الأمر الذي صار أصعب وأسوأ.

وتجاوز البرنامج كل الخطوط الحمراء، وعرض مقاطع لهتافات نادت بسقوط النظام وسقوط الملك، كما عرض مقاطع فيديو حصرية للقناة، أظهرت الحشود في تصوير مبدع وفريد من نوعه، ووصف البرنامج الثورة البحرينية بأنها ثورة حقيقية، لكن العرب والعالم تجاهلها، لأنها في الخليج.

كما اعتبر البرنامج فضيحة لتلفزيون البحرين بعد تسليطه الضوء على مفارقاته وحملة التحريض التي شنها ضد المحتجين، والتي أدت إلى قمعهم واستهدافهم بشكل شخصي فيما بعد، كما سلط الضوء كذلك على صفحات "كشف الخونة" في فيسبوك والتي كان يقوم عليها موالون وفرق إعلامية مدعومة من النظام، وتردد صدى ذلك في التقرير الذي نشرته صحيفة التليجراف بل جعلت منه موضوعاً رئيساً.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus