نفسي فداء وطني

إيمان شمس الدين - 2014-04-23 - 6:02 ص

إيمان شمس الدين*

كان من أوائل من سقطوا في طريق الحرية وتحقيق المطالب؛ الشهيد علي المؤمن و كانت آخر كلماته جملة اختصرت، يإيجاز غير مخل، رؤيته ومسيرته وهي: "نفسي فداء وطني"، فهي شعاره ومشروعه الذي أنجزه عملانيا على أرض الثورة، لتكون نفسه فداء وطنه.

هذا الشعار سقط في طريقه شهيد تلو شهيد، وإن لم يتم الافصاح عنه كما فعل الشهيد المؤمن، وهو شعار يوضح منهجا فكريا بنيويا في ذهنية الشباب الثوار، وفهما متقدما لمفهوم الوطن.

حينما تصبح النفس كبشا للوطن، فإن ذلك يجسد أسمى معاني البذل والتضحية، ويقدم سيرة عملية جادة في توضيح معالم مفهوم الوطن والمواطنة.

ومع التداعيات الأخيرة التي استغلتها السلطة، بعد تفجير الديه، وقبل ظهور نتائج التحقيق ومعرفة الجناة الحقيقيين، تعود للواجهة أسئلة قد يكون أهمها ما هي المواطنة ومن هو المواطن؟ خاصة أن الملك، بعد وفاة 3 من الشرطة، خصص صندوقا بميزانية مليون دينار للضحايا، وسوف يتم تسمية مسجد من المساجد الرئيسية باسم الشرطي الإماراتي.

وكأن من سقط من شهداء في الحراك المطلبي وعلى يد شرطة بحرينية وأخرى خليجية من درع الجزيرة هم ليسوا مواطنين ولا يحق لهم ما يحق للغرباء.

إن الوطن الذي يوازي أنفس أبنائه، ويقدم لأجله كل هذه التضحيات، هو ليس مجرد أراض ومبان وشركات واستثمارات وعقارات، وهو ليس مجرد كرسي للحكم وسلطة ونفوذ، بل هو فضاء وأرض وسماء تحمل في طياتها انتماء وهوية، ثقافة وتاريخ وحضارة راكمت منجزات بشرية ثقافية شكلت هوية هذا الوطن .

إنه تراث أجداد، وحكايات أجيال، كتب بعضها بمداد الدم، ورسمت معالمه عرق جبين كثيرين ، فكلما بذلت من نفسك في بنائه، كلما امتزج وجودك بوجوده، ورسمت معالم شخصيتك من طينته.

إن شعار "نفسي فداء وطني" يفترض أن يتحول إلى منهجية عمل تؤسس لبنى ثقافية وفكرية تدرس للأجيال، بل ينتهجها الثوار للسير قدما نحو التأسيس لمفهوم الفداء والوطن، وكيف يكون الفداء بالنفس للوطن، وأي وطن؟ وأي نفس؟ 

إن تحويل شعارات الشهداء إلى منهجيات عمل ورؤى ثقافية وفكرية في ذهنية الأجيال له بعدين:

الأول رد الجميل للشهيد.

والثاني بعد تربوي تأسيسي للأجيال في ربطهم بمشروع الشهادة من جهة والتضحية وبناء منظومة مفاهيمية ثقافية عقلية من جهة أخرى.

خاصة أن تلك الشعارات لم تقتصر على كونها شعارات لا تجسيد واقعي لها، بل يكمن جمالها وعمقها في كونها اقترنت كشعار بالتنفيذ الفوري، فالشهيد علي المؤمن حينما أطلق شعار نفسي فداء وطني، قدم نفسه فداءا لوطنه على طريق الحرية، ورسم مبان مفهوم أي وطن يريد حينما تحرك مع الثوار لتحقيق المطالب الشعبية في وطن الشراكة والعدالة وتحديدالمصير، لا وطن القبيلة والمذهب واحتكار السلطة. فربط الشعار بالسلوك وأسس بذلك منظومة مفاهيمية في العمل السياسي الحر.

إن الجمعيات المعارضة والثوار مدعوون اليوم لمراجعة شعارات الشهداء، والعمل على الاستفادة منها بتحويلها لبرامج عمل ومنهجيات تعكس ثقافة الثورة والثوار، و تدفع بالحراك للأمام حتى تحقيق كافة المطالب الشعبية، وتؤرخ للثورة وشعاراتها لتكون شاهدا على التاريخ ومن التاريخ.


*كاتبة كويتية‏.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus