الصحفي عباس المرشد ينضم إلى كتاب الرأي ب"مرآة البحرين"

عباس المرشد - 2011-07-16 - 1:01 م



مرآة البحرين: ينضم إلى طاقم كتاب الرأي في "مرآة البحرين" الزميل الكاتب عباس المرشد، الذي أفرجت عنه السلطات البحرينية حديثاً ضمن موجة الإفراجات الأخيرة بعد اعتقال دام شهرين.
وسيستأنف بدءاً من اليوم كتابة مقالاته الدورية التي كان ينشرها في صحيفة "الوقت" سابقاً إلى جوار زملائه من الكتاب والصحفيين من داخل البحرين وخارجها.
وترحب "مرآة البحرين"، كما تهنيء، باستعادة الكاتب المرشد إلى حريته وقلمه، وعودته إلى ممارسة نشاطه الكتابي من على منبرها.



مهمة بسيوني بين إخفاقات ميلس وتداعيات غولدستون

عباس المرشد*


قبل أسبوع من انطلاق فعاليات حوار التوافق الوطني الذي دعا إليه ملك البحرين للخروج من الأزمة السياسية الخانقة للنظام فاجأ الملك الجميع بترأسه جلسة مجلس الوزراء للإعلان عن خطاب وصفته الصحافة المحلية بأنه "خطاب مهم". ظهر الملك متوسطا عمه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان وابنه ولي العهد سلمان بن حمد، وقد كان واضحا مدى التجهم والضيق على تعابير وجه رئيس الوزراء في حين ظل ولي العهد مبتسما ويحاول إظهار علامات استعادة الثقة وكأنه يرسل رسالات عبر لغوية لأحد ما يتاعبه على شاشة التلفزيون. الخطاب الذي فاجأ العديد من المتابعين هو دعوة الملك لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بالتنسيق مع الأمم المتحدة للنظر في مجريات الأحداث التي مرت بها البحرين منذ 14 فبراير/ شباط حتى تاريخه وإعطائها صلاحيات واسعة حسب المرسوم الذي تلاه. بسيوني الذي اختاره الملك لتشكيل فريق عمل خاص له أعلن في مؤتمر صحفي عقده في المنامة أنه غير معني بشرعية النزاع بين الحكومة والمعارضة كما إنه غير معني أيضا بأسباب الأزمة وأن مهمته تتصل أساسا ب"وسائل إدارة النزاع بين الحكومة والمعارضة وتبين مدى توافق تلك الأدوات والآليات مع مرجعيات إدارة النزاعات الدولية".

تشكيل لجنة التحقيق ذات الطابع المستقل تعتبر مفصلا ضمن مفاصل ربيع الثورات العربية، وحيث كانت هي المرة الأولى التي يحاكم فيها حاكم عربي كزين العابدين والرئيس مبارك، فإنها المرة الأولى أيضاً في منطقة الخليج العربي ذات الطابع المحافظ والقبلي أن تشكل فيها لجنة تحقيق على مثل هذا المستوى. وهو ما يؤكد أمرين هما: أولاً أهمية ما حدث في البحرين وقدرة الأحداث فيها على تغيير الأوضاع السياسية في هذه المنطقة وفرض معادلات صراع سياسية جديدة، والثاني هو حجم الإخفاق المحلي في معالجة الأزمة المتصاعدة منذ 14 فبراير/ شباط ووصول المعالجات التقليدية لحائط مسدود غير مجدي، وهو ما استدعى اللجوء لمعالجة فريدة من نوعها، حتى وإن كان ثمنها التضحية بسمعة الدولة وبيع ضعفها.

بجمع كلا الأمرين تتبين خطورة مهمة لجنة التحقيق المستقلة برئاسة بسيوني؛ ومن جهة ثانية تثير مسألة تسليم الحكومة باللجنة وتسهيل طريق عملها مجموعة من التساؤلات، بينها ما الذي دفع النظام السياسي  في البحرين لأن  يخطو هذه الخطوة؟

بعض المراقبين يذهبون إلى أن قرار تشكيل اللجنة يأتي نتيجة الضغوط الدولية المتراكمة على حكومة البحرين وفقدان الحكومة القدرة على مواصلة اتباع سياسة صم الآذان ومقاومة الضغوط؛ فحكومة البحرين راهنت على قدرة المال الخليجي وبالأخص السعودي على كبح المطالبات الدولية بالإصلاح السياسي الديمقراطي. وراهنت أيضا على قدرتها على مضاهاة النظم الاسيتدادية ذات النظم الواحدية في ممانعاتها للعقوبات الدولية؛ إلا أن كلا الرهانيين قد فشلا في تحقيق استقرار سياسي وأمني، بل وقعت في مصيدة الملاحقات الدولية. وقد تمخض عن  ذلك استخدام لجنة التحقيق المستقلة كمخرج يوازي مخرج حوار التوافق الوطني.
بعض التسريبات تؤكد أن قرار منظمة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة كان يسير ناحية تشكيل لجنة تقصي حقائق مبعوثة من الأمم المتحدة، إلا أن صفقة ما كان للولايات المتحدة دور فيها تم الاتفاق فيها على تخفيف هذا المسار وجره ناحية قيام ملك البحرين بتشكيل لجنة مستقلة، على أن يكون أعضاؤها دوليون، حيث تقوم ببحث وسائل النزاع وتصل لتوصيات سياسية وأمنية تعتبر مخرجا توافقا بين النظام والمعارضة.

وفق هذا المسار تبدو مهمة بسيوني وفريق عمله كلعبة السير على خط النار، إذ ليس هناك من يضمن وصول اللجنة إلى تأكيد حقائق الانتهاكات والجرائم التي ارتكبت على يد الأجهزة الأمنية والدفاعية وغيرهم من المنخرطين في التحشيد الطائفي والانتقام. وأقصد هنا قدرة الفريق على الوصول إلى مصدر القرارات الفعلية والتي على ضوئها حدث ما حدث، وربما خرج الفريق بإدانة من هم في الصفوف الدنيا وأن عملهم كان تصرفا فرديا كما في حالة انتهاكات مركز الرفاع ومركز القضيبية.

معنى هذا أن نتائج اللجنة لن تطال الرؤوس الكبيرة إن لم يكن حمايتها في الأساس. يتقوى هذا الاحتمال بالنظر إلى طبيعة اللجنة والضمانات التي يمكن ترجمتها بعد صدور التقرير النهائي، فليس من طبيعة اللجنة التأكد من مصداقية نتائجها سوى الثقة الشخصية برئيسها بسيوني، وليس هناك من يضمن عمل الحكومة بنتائج وتوصيات التقرير النهائي لأنها لجنة محلية.
المراقبون الأوربيون يؤكدون أنهم سيتابعون عمل اللجة ونتائجها وعرض كل ذلك على ما يصل إليهم من تقارير خاصة. مثل هذه الضمانات وإن كانت مريحة لبعض أطراف المعارضة إلا أن مواجهتها باللعب على عنصر الزمن قد يجعل من ذلك مسألة آمال غير مضمونة.

فحوى هذا الكلام أن عمل اللجنة هو الوصول لتسوية حقوقية يتم على ضوئها العمل على صنع تسوية سياسية تقتضي إعفاء كبار القوم من المساءلة مقابل القبول بأهم مطلب للمعارضة الرسمية وهو جعل الحكومة منتخبة بالغالبية النيابية أو غيرها من الطرق. وهذا ما يجعل بعض أطراف المعارضة مرتاحا لتشكيل اللجنة ولنتائجها المرتقبة.

السؤال الذي تجدر الإجابة عليه ماذا لو كان السيد بسيوني واقعيا وصادقا في تقريره واستطاع أن يعرض نتائج فريق عمله بصورة محايدة، فماهو موقف النظام من تلك النتائج؟ وكيف سيكون رد الطرف الدولي؟ وهل سيكون السيد بسيوني كغولدستون عندما كتب تقريره الشهير عن حرب غزة؟

* كاتب بحريني

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus