جاستين جينجلر: الحوار، التمثيل و الاحصائات: نظرة في "الدراسة الديمغرافية" و "الوثيقة المسربة"

2011-07-05 - 9:24 ص


جاستين جينغلر*

ترجمة:  مرآة البحرين



صورة نشرها موقع الجزيرة نت الاخباري في صدر تقريره


عشية الحوار الوطني البحريني، الذي سوف تبدأ أولى جلساتة الفعلية غدا، تقوم قناة لجزيرة بعرض تقرير في غاية الغرابة .يزعم انها  مبنيه على وثيقة "تم تسريبها" من دراسة رسمية بتكليف من الحكومة البحرينية جرت في النصف الثاني من عام 2010. نتسائل، ماهذة الدراسة؟ دراسة للتكوين الأثني و الديني في البحرين (السنة و الشيعة).

احدى النتائج الملحوظة في مسح شامل أجريته في البحرين عام 2009م. وكان بدقة، أول تقدير مباشر لنسبة المواطنين السنة والشيعة في البحرين منذ التعداد السكاني الذي اجري في البلاد في عام   1941م . بطبيعة الحال، لفتت هذه "الدراسة" الحكومية الجديدة نظري وفوجئت نوعا ما؛ فوفقا لموجز قناة الجزيرة، اعتبرت الدراسة الحكومية شيعة أقلية من سكان البحرين (49%).  وهذا رقم لم يرد أبدا في تقديري الخاص وهو حاولي 57.6 % .


وبالإضافة الى كشف النقاب عن النسبة (49% الشيعة – 51% السنة) ، فان ملخص تقرير الجزيرة يضيفا بعضا آخر من "الحقائق" التي وردت في الدراسة "المسربة" عن الجهاز المركزي للمعلومات و من بينها:


  • "تؤكد الوثيقة أن إجراءات التجنيس لم تؤثر في التقسيم الطائفي خلال أي فترة بنسبة تزيد عن 1%، لأنها كانت محدودة وتتم وفقا للشروط المحددة لنيل الجنسية".
وبتعبير آخر، تود الوثيقة أن تقول أن 51 % السنية لم تتكون بشكل مصطنع  بواسطة التجنيس السياسي الذي تشير اليه تقارير كثيرة من داخل و خارج البحرين، ولكن وفق تطور ديمغرافي طبيعي. بل ان موجز الدراسة يقول:

  • "الوثيقة تبين أن المستفيد الأول منذ إقرار قانون الجنسية البحرينية عام 1963 هم الشيعة ذوو الأصول الفارسية وليس أتباع الطائفة السنية".

ويضيف كذلك :

  • "أن الملك الحالي حمد آل خليفة أمر بعد توليه الحكم في مارس/ آذار 1999 بعودة المواطنين المبعدين في الخارج، حيث وصل عدد العائدين مع أسرهم خلال الفترة من 2001 –2003 إلى نحو 10607 مواطنين ومعظمهم من الطائفة الشيعية."


ويخلص التقرير الى استنتاج فاقع بهذا المستوى: تقسيم المجتمع إلى طوائف وتصنيفها إلى أقلية وأغلبية دون الاستناد لبيانات دقيقة وعلمية موثقة، مما دفع بالكثير من المؤسسات الدولية والحكومية الأجنبية ووسائل الإعلام إلى الاعتقاد طوال 20 عاما أن التوزيع الديمغرافي في المملكة ينقسم إلى أغلبية شيعية (60%-70%) وأقلية سنية (30 %-40%).

ولكنهم كانوا على خطأ! وذات التقرير المسرب من الحكومة يثبت صحة قولي!

إذ إن هناك جملة من النقاط التي تدفع المرأ الى الارتياب من هذه الاستنتاجات: في المقام الأول، توقيت ومحتوى التقرير المسرب غير مقنع أبدا! قبل يوم واحد فقط  من حوار وطني، مثير للجدل، تستعد فية المعارضة التي يسيطر على غالبيتها الشيعة للمطالبة باصلاح سياسي حقيقي مبني على اساس أغلبيتهم الديموغرافية. ولكن التقرير المسرب يقول: "عفوا، انتم لستم اغلبية أبداً! وبفارق نقطة مئوية واحدة فقط"!

كذلك، وكما تمت الاشارة في الاقتباسات أعلاه، فان "الاستنتاجات" ذات الصلة بالموضوع  تركز على مامفاده:

  1. أن السنة حافظو على أغلبيتهم "تاريخيا" في البحرين. (يورد التقرير أن "التقديرات" التاريخية للسنة هي 56.2 % سنة قبال  43.8 % من الطائفة الشيعية. و الفرق صغير؛ ما يجعل تقسيم الشعب طائفيا لأغلبية وأقلية أمرا عسيرا. ناهيك ان التعداد السكاني في البحرين عام 1941م أشار الى انه نسبة الشيعة 53 %  قبال  47% للسنة.
  2. أن السلطة لم  تشتغل على عمليات تجنيس سياسي.
  3. أن واقع مافعلتة سياسة السخاء بالتجنيس في  البحرين هو جلب المزيد من الشيعة وليس السنة.
  4. وبناءاً على ما ذكر، فان مطالبات الشيعة  باسم الحرمان من الحقوق السياسية على أساس الأغلبية غير صحيح. ذاك أن نسبتهم الديمغرافية وصلت لماهية علية بسبب سياسة الحكومة اللبرالية في مجال الهجرة فحسب.

الشبهة الأخرى الدائرة حول النتائج التي توصلت إليها "الدراسة" تكمن في الاجراءات التي بنيت على أساسها. فقد ذكرت قناة الجزيرة، أنها مبنية على "تحليل الوثائق والدراسات التاريخية والمسح الميداني بأسلوب المقابلة البحثية، وتحليل بيانات سجلات إدارة الأوقاف السنية، وتحليل سلاسل العائلات وعلاقات الزواج والأقارب من قاعدة بيانات الجهاز المركزي للمعلومات، بالإضافة إلى تحليل عقود الزواج الموثقة في وزارة العدل والشؤون الإسلامية وخاصة حالات التزاوج بين الطائفتين والتحول من طائفة إلى أخرى، وأخيرًا بيانات الأجهزة الأمنية والاستخبارية".

حسناً، يبين الجهاز المركزي للمعلومات, وهي الوكالة  الإحصائية الرئيسية في البحرين، وسابقا كانت جزء من جهاز الأمن الوطني، وكانت وربما لاتزال بمثابة وكالة المخابرات المركية في البحرين (CIA ) وكما ذكرت الجزيرة في تقريرها. بين أن الجهاز اليوم يعمل تحت الإشراف المباشر لرئاسة الوزراء.  ونظرا لهذه الخلفية، وحقيقة أن الجهاز المركوي للمعلومات هو المسؤول عن تنفيذ التعداد السكاني في البحرين. فمن غير المفهوم أن يلجأ إلى "تحليل الوثائق التاريخية والدراسات"، وسجلات الزواج!

وفي الواقع، وعلى افتراض أنها لا تمتلك توثيقا لهذه المعلومات، وهو أمر مشكوك فيه. كل ماكان ينبغي القيام به هو أخذ عينة عشوائية من البيانات الخاصة بالتعداد لتحديد ذلك على أساس الانتماء الطائفي (السني – الشيعي)  من خلال اسماء العوائل و المنطقة الجغرافية. وستصح هذه البيانات( و ل99 % من الحالات. وعلى أقل تقدير، يمكن اجراء مسح ميداني يشمل 1000 أسرة بشكل عشوائي.

وبختصار،  ما الي يدعو الجهاز ليكلف نفسة عناء محاولة الاستقراء من السجلات التاريخية وشهادات الزواج أذا كان يملك بالفعل البينات التي يحتاجها؟


علاوة على ذلك، ودون الخوض في التفاصيل، فان عينة الــ 500 أسرة التي استخدمتها في المسح الشامل جائت من بيانات تعداد للجهاز المركزي للمعلومات بطريقة غير مباشرة. ولهذا فمن المستغرب أن  تختلف "الدراسة" التي قام بها الجهاز و بستخدام بياناته الخاصة لتعداد الشيعة والسنة عن المسح الذي أجريته قبل عام واحد فقط. والذي يفترض أن لا يزيد عن حوالي 8 نقاط مئوية.


أخيرا, وأنا لا أدعي أني أحد المشاهير في العلوم السياسية، ولكن مقالي التفصيلي حول نتائج المسح الدمغرافي لعام 2009 لم يغب عن الحكومة البحرينية، ولأكن أكثر تحديدا، عن الجهاز المركزي للمعلومات نفسه. واليكم هذه الصور عن سجلات مدونتي:



وهذا أيضا:





وأنا على يقين أني سوف اجد المزيد من بيانات الزيارات الحكومية على لمدونتي لو دققت في سجلات الزيارات.

وهنا أكتفي بالقول أكتفي بالقول أن الجهاز المركزي للمعلومات يدرك تماما نتائج المسح الذي أجريته في البحرين. وهو ليس بسعيد لرؤيته النتائج منشورة على الملئ. وهذا لا يعني أن تسريب الوثيقة جاد لمواجهة ما نشرته بالضرورة. غير أنه غير مستبعد  نظرا للجهود المبذولة من أجل حملة العلاقات العامة للحكومة.


وبطبيعة الحال، ترجو الحكومة حصد نتائج فورية من تسريب هذه الاحصائات مع بداية الحوار الوطني. خصوصاً وأن مؤيدي الحكومة ذهبوا سريعا إلى التقليل من أهمية مشاركة الوفاق عن طريق التشكيك في تمثيلها نسبة جماهيرية من سكان البحرين.  وعلى سبيل المثال:





الخطوة الطبيعية بعد تسريب الوثيقة، تكون باستفتاء المواطنين الشيعة بشكل عام. وفي حال كون الوفاق لا تمثل سوى مجموعة فرعية معينة من شيعة البحرين. وبناءا على استنتاجها أن البحرينيين الشيعة أنفسهم أقلية من السكان، فمن شأن هذا أن يجعل الحوار الوطني أقرب لعدم إحراز تقدم سياسي موضوعي يمكن تسويقه على المراقبين الدوليين. وحيث أن، وبحسب الافتراض، مطالب الوفاق السياسيه تمثل أقلية ضئيلة نسبيا من السكان، فمن شأن هذا أن يدفع بتهميشهم كمجموعة بين العديد من الخيارات السياسية الأخرى. وهذا، بالتأكيد، ما سيلجأ اليه الملك في ختام الحوار الوطني بعد شهر رمضان وعطلة العيد.


*   جاستين جينغلر: باحث أمريكي في العلوم السياسية. مرشح للدكتوراة عن جامعة ميتشيغن. أجرى بحثا ديموغرافيا في البحرين عام 2009م وبناءً على خلاصاته رد على مقال ملك البحرين نشره في مجلة السياسة الخارجية الأمريكية (فورين بوليسي) ونشر هذه القرائة بعد "الوثيقة المسربة" التي نشرتها الجزيرة نت.



مرجعيات النص:
  1. تقرير موقع الجزيرة نت

  2. الحقيقة على الأرض: تقدير للتوازن الشيعي\السني في البحرين

  3. تصور بنية الشعبة، تصميم العينة الاحصائية البحرينية

  4. الحكومة البحرينية للمعارضة: ألا تدفعكم لجنة تقص للحقائق لقبول صيغتنا من الحوار

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus