رانيا الجمّال: المأزق البحريني ينذر بمزيد من الاضطرابات في الـ 2014

2014-01-03 - 2:46 م

رانيا الجمّال، رويترز

ترجمة: مرآة البحرين

دبي (رويترز) - تنزلق الحكومة البحرينية والمجموعات المعارضة إلى مواجهة عنيدة وسط تزايد المخاوف من العنف بسبب الاعتقالات والاقتحامات والقوانين الصارمة الجديدة ضد الناشطين الذين يسعون الى الإصلاح السياسي.

يبدو أن الجهود المبذولة للتوفيق بين الحكومة وجماعات المعارضة التي تسعى إلى الإصلاح هي أصبحت رهينة بيد المتشددين من كلا الجانبين، كما يقول ديبلوماسيون ومحللون.

ومثالاً على ذلك كان تفجير سيارة في تموز/يوليو في العاصمة: فالحملة الأمنية والإقتحامات والاعتقالات والقوانين الصارمة الجديدة وإصدار الأحكام المتشددة، قد أدت الى تعزيز سيطرة حكم المسلمين السنة، ولكنها أدت أيضًا إلى تعميق انعدام الثقة المتبادلة.

يتساءل الكثيرون أين سيؤول مناخ تبادل الاتهامات في البحرين، حيث يتمركز الأسطول الأمريكي الخامس.

وقال الشيخ علي سلمان، رجل دين شيعي ورئيس الجمعية الرئيسية المعارضة الوفاق التي تدعو الى السلمية "إن السيناريو الأسوأ هو أن تزيد السلطات حملة القمع وأن تزداد أيضًا ردة الفعل العنيفة لهذه الحملة .

يوم الاثنين، قالت الحكومة أنها أحبطت محاولة لتهريب متفجرات وأسلحة إلى داخل البلاد عن طريق القوارب ، بعضها مصنوع في إيران وسوريا،. وقالت أنها "خطط لتنفيذ أعمال إرهابية".

في الدوائر الحكومية، تُحمّل الحكومة المعارضة بشكل مباشر مسؤولية الاحتدام الأمني. فقد قالت وزيرة الإعلام سميرة رجب عن الوفاق: "نحن لا نثق بها. عليها العمل بجد لاسترجاع الثقة مرة أخرى."

وقد ضربت الفتنة هذه الجزيرة ذات الأهمية الاستراتيجية منذ اندلاع الاحتجاجات الواسعة المؤيدة للديمقراطية في أوائل عام 2011، وقد أصبحت هذه الجزيرة الخط الأمامي في الصراع على النفوذ بين إيران الشيعية والدول العربية السنية مثل المملكة العربية السعودية.

تم قمع المظاهرات الجماهيرية الواسعة، ولكن استمر المتظاهرون الشيعة الذين يشكلون أغلبية سكان البحرين في تنظيم الاحتجاجات الصغيرة وشبه اليومية، مطالبين الأسرة الحاكمة السنية بإنشاء ملكية دستورية.

ويبدو أنه من غير المحتمل استئناف الاحتجاجات الكبيرة التي اندلعت في أوائل عام 2011، لأن البحرينيين قد ضجروا على ما يبدو من الأزمة السياسية.

واليوم يبدو أن هناك أملًا ضعيفًا في تحقيق تقدّم جذري.

وقال عادل العسومي، وهو عضو في البرلمان منتقدًا جماعات المعارضة الشيعية: "البحرين بلد صغير ولا تتحمل أكثر من ذلك. فقد مضت ثلاث سنوات على الأعمال الإرهابية والخطوات غير المدروسة من قبل المعارضة، آمل أن يكون هناك حل، ولكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على أنه يمكن أن يكون هناك أي حل في وقت قريب."

سلسلة من الاشتباكات وحملات القمع

الاضطرابات الأسوء في البلاد منذ التسعينات تبدلت بسرعة من مظاهرات سلمية إلى سلسلة من الاشتباكات الاستنزافية بين المحتجين ومعظمهم من الشيعة وقوات الأمن التي يغلب عليها السنة حيث قتل فيها العشرات، بما في ذلك بعض رجال الشرطة.

وقد أضاف العنف طبقات جديدة من التظلم الى الصراع الأساسي، الذي تتهم فيه المعارضة الأسرة الحاكمة بالتلاعب بالتقسيمات الطائفية لتفادي الديمقراطية، بينما تتهم الحكومة الوفاق بالعمل لحساب إيران.

ويسيطر المتشددون في كلا المعسكرين، الأسرة الحاكمة المدعومة من السعودية والمعارضة ذات الأغلبية الشيعية، على الأرض، مما يُعَقّد الجهود الرامية إلى وضع حد لدوامة الاحتجاجات وحملات القمع.

قبل عام، ازدادت الآمال بتحقيق تقدم جذري عندما دعا ولي العهد الأمير سلمان، الذي تجد بعض الشخصيات المعارضة أنه الأكثر اعتدالًا داخل عائلة آل خليفة الحاكمة، إلى تجديد المحادثات السياسية التي هُجرت منذ عام2011.

وعندما اختلف الجانبان على العديد من القضايا الكبرى، بدأت المحادثات وكان من المحتمل التوصل إلى نوع من الصفقة.

في 17 تموز/يوليو، انفجرت سيارة مفخخة في موقف للسيارات خارج مسجد الشيخ عيسى بن سلمان في الرفاع، وهي منطقة يعيش فيها العديد من أعضاء الأسرة الحاكمة والقوات المسلحة.

لم تكن هناك إصابات. ولكن الانفجار قوّض جهود ولي العهد لدفع الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وقد أدت، بدلًا من ذلك، إلى تقوية الصقور داخل عائلة آل خليفة الذين يرون في الاحتجاجات الشيعية تهديدًا لهم.

وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين:" تم إعداد ولي العهد للمقاومة، عليه أن يكون أكثر صرامة ، ومنذ ذلك الحين، أخذت الأمور تسوء."

بعد أيام على التفجير، عقد البرلمان جلسة استثنائية وافق فيها على سحب جنسية أي شخص يرتكب، أو يدعو إلى "الجرائم الإرهابية"، وقد أصدر الملك مرسومًا بتشديد العقوبات على هذه الجرائم.

وفرضت هذه التعديلات عقوبة السجن على أي شخص ينفذ أو يحاول تنفيذ هجوم تفجيري وعقوبة السجن لأي شخص يضع أو يحمل أي شيء يشبه المتفجرات أو المفرقعات النارية في الأماكن العامة.

تم حظر الاحتجاجات في المنامة وبعد أسابيع حظرت الحكومة على أعضاء المعارضة لقاء الدبلوماسيين الأجانب دون الحصول على موافقة رسمية.

صفقة أو لا صفقة

عندما اعتقل خليل المرزوق، مسؤول بارز في الوفاق ونائب سابق في البرلمان، في أيلول/سبتمبر وتم تقديمه للمحاكمة بتهمة التحريض على الإرهاب، انسحبت المعارضة من المحادثات.

اعتقال المرزوق، والذي تلاه اتهام الشيخ سلمان بإهانة وزارة الداخلية و "نشر الأكاذيب" القادرة على تهديد الأمن القومي، شكل نقطة تحول في الخطاب الحكومي تجاه الوفاق.

وقالت جين كينينمونت من مركز أبحاث تشاتام هاوس البريطاني أنه، من خلال تضييق الخناق على جماعة المعارضة الرئيسية، تخاطر الحكومة بخسارة شريكها التفاوضي الوحيد الموثوق به.

وقالت "هناك زعماء معارضة آخرين مؤثرين، بعضهم يؤثرون على المظاهرات الدائمة، ولكن الحكومة حتى الآن غير راغبة في التحدث إلى الرموز التي لديها مطالب أكثر تشددًا من جمعية الوفاق".

ولكن، على الرغم من التشاؤم، لا يزال هناك عدد من المطلعين الذين يتكهنون بإمكانية حدوث صفقة.

وتفاصيل اتفاق كهذا تبقى غير واضحة.

في واحد من السيناريوهات التي أشارت إليها المحللة كولين شيب من مجموعة" كونترول ريسكس"، يمكن للحكومة أن تعطي الوفاق مناصب وزارية صغيرة أو أن تتحول الى الدوائر الانتخابية، التي تقول المعارضة أنها لا تمثل الشيعة.

في المقابل، يمكن أن تطلب من الوفاق إنهاء مقاطعتها، التي بدأت في الـ 2011، للانتخابات البرلمانية، ووقف العنف في الشارع، والتي تعتقد شيب أنها لا تجدي نفعًا ما لم تجرِ إصلاحات عميقة تعالج مظالم الشيعة.

وقال مسؤول أمريكي سابق أنه يعتقد أن حكام البحرين كانوا على استعداد لإجراء صفقة مع المعارضة.
وأضاف : "المعارضة لا يمكنها أن توحد نشاطاتها. فهم ليسوا مهتمين بالتوصل إلى تسوية. لقد كان لديهم فرص وقد فشلوا في الحصول عليها".

ومع ذلك، لم تظهر العائلة الحاكمة أي استعداد للانصياع لمطالب الوفاق بإيلاء البرلمان صلاحيات كاملة في تشريع وتشكيل البرلمانات.

صلاحيات المجلس المنتخب تشلها صلاحيات مجلس آخر معين ويهيمن النظام الملكي على مجلس الوزراء - الذي يرأسه ذات رئيس الوزراء من آل خليفة منذ عام 1971.

 

31 كانون الأول/ديسمبر 2013

النص الاصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus