«مطلوب» عند نقطة تفتيش

فيصل هيات - 2013-12-22 - 1:03 م

فيصل هيات*

كما لو أن البحرين بحرا، ونقاط التفتيش فيه أشبه بشباك الصيد الإسرائيلية، تصطاد كل شيء..ولا تبقي ولا تذر!

أنهيت عصر أمس زيارة لمنزل صديق في جزيرة سترة، وعند الساعة الرابعة وعشر دقائق، خرجت من منزله، وقتها كانت سترة محاصرة بثلاث نقاط تفتيش في ثلاثة من مخارجها! 

نصبت الشباك الإسرائيلية لاصطياد المواطنين مبكرا وقبل مغيب الشمس!

لم يدر في خلدي أن أحد تلك الشباك ستصطادني، لماذا علي الخوف أصلا من المرور على نقطة التفتيش المنصوبة عند محطة البترول عند مدخل سترة؟

قبل الوصول إلى نقطة التفتيش، تصادف مرور سيارة يقودها صديق قديم، أنزل نافذة سيارته وهو يبتسم :" الله يطلعك يا خوك.."، قلت له: "لماذا تحمل همي، احمل همك أنت أيضا". 

في هذه الشباك الإسرائيلية، لا أحد يعبر، الكل مستهدف ولأتفه الأسباب!

وصلت عند نقطة التفتيش، سألني شرطي شاب بعد أن تفحص وجهي مبتسما: "وين ساكن؟"، أجبته في مدينة عيسى، عاد للسؤال "ليش جاي سترة؟" أجبت: "لزيارة صديق"، طلب بطاقتي وطلب مني إيقاف سيارتي جانبا.

سألت نفسي، هل أصدروا قرارا بمنع الدخول إلى سترة؟ 

كانت الأسئلة تدور في رأسي، هل اصطادني الشبك الإسرائيلي؟ ولكن ماذا لديهم ضدي؟ لو كنت مطلوبا لأرسلوا في طلبي!؟

بينما كنت منتظرا، جاء شرطي آخر يمني الأصل، طلب مفاتيح سيارتي، أخذها وطلب مني الانتظار داخل السيارة، "السالفة فيها إنّ..على شنو ناويين!؟".

مرت حوالي عشرون دقيقة أو أكثر بقليل وأنا أنتظر في السيارة، ثم لاحت مجموعة من الشرطة قادمة لسيارتي، طلبوا مني أخذ كل شيء ثمين من السيارة ومرافقتهم! 

سألتهم "وش الموضوع؟ هل ستعتقلوني؟ أجاب أحدهم، ستعرف ذلك في مركز شرطة النبيه صالح، حصل ذلك بينما الشرطي الذي يحمل بطاقتي الذكية، يتحدث في هاتفه المتنقل وينقل رقمي الشخصي! 

أمسكني شرطي شاب من يدي، وصعدت معه لسيارة الشرطة رباعية الدفع "الجيب"، سألني "انت وش مسوي؟ عليك أمر قبض"، أمر قبض! "بخصوص شنو؟"..في المركز سيخبرونك!

كانت نصف ساعة انقضت، لم أجد بدا من التغريد في "تويتر" عن توقيفي في نقطة التفتيش ونقلي لمركز النبيه صالح! 

وصلنا المركز، طلبوا مني إيقاف سيارتي خارج المركز وهم يصوروني بالفيديو، عدت للمركز، بعد حوالي خمس دقائق، خرجنا من المركز، صعدت معهم سيارة الشرطة، سنأخذك لمركز الحورة، أنت مطلوب هناك! 

كتبت في "تويتر"، أنا في سيارة الشرطة في طريقنا لمركز شرطة الحورة والأسباب مجهولة، لكن السيارة لم تأخذني لمركز الحورة وإنما لمبنى "القلعة"، وزارة الداخلية!

سألتهم، لماذا تأخذوني للقلعة؟ أجاب أحدهم، سيتم إخضاعك للكشف الطبي. كشف طبي! لماذا؟ أجاب الشرطي سيتم توقيفك!

في الطريق لمستشفى القلعة، لفتت نظري، عمليات الإنشاء التي تتم قريبا من المستشفى، مباني كبيرة يتم تعميرها في هذا العالم الداخلي الذي اسمه "القلعة"، هنا وطن آخر داخل الوطن، عالم كامل متكامل لا ينقصه شيء!

ماذا يبنون؟ ما هذه المباني الضخمة التي تشيّد بعيدا عن الأنظار؟ لماذا تحتاج وزارة الداخلية إلى المزيد من المباني في قلعتها الصخمة؟ هل هي مكاتب للموظفين؟ هل هي مساكن لأهالي هذا العالم الغريب؟ أم تراها سجون جديدة، تبنى في رحاب المشروع الإصلاحي؟

لن أبوح بأسئلتي للشرطي، وهو يقتادني للكشف الطبي، ستظل حبيسة في رأسي، تم الكشف، ثم تم ادخالي على طبيب سألني هل تعاني من السكر، الضغط، السكلر، نقص الخميرة، إلخ!

ومع الانتهاء من الكشف الطبي، رن هاتف الشرطي الذي يرافقني، أكملنا طريقنا نحو سيارة الشرطة للانتقال إلى مركز الحورة، طمأنني الشرطي "ما عليك شي، ستدفع 30 دينارا وتغادر"!

هنا تقفز الأسئلة مجددا، ألم يكن في وسع الشرطي الذي أخذ بطاقتي في نقطة التفتيش أن يستعلم حقيقة الأمر وهو يعطي رقمي الشخصي للطرف الآخر عند إيقافي عصرا؟

ألم يكن في وسع شرطة مركز النبيه صالح فعل الأمر نفسه؟ هل النظام الإلكتروني في وزارة الداخلية شريرا لهذا الحد؟ أن يعطل الاجابة على السؤال في وقت مبكر بدلا من هذه المشاوير العبثية؟

هو طبع شباك الصيد الإسرائيلية، لا تبقي ولا تذر، احتجت لساعتين من الترقب والكشف الطبي والأسئلة للوصول إلى إجابة كانت ممكنة في المحطة الأولى، في نقطة التفتيش!

إنها الإجراءات الرسمية التي تحولك إلى مجرد رقم شخصي، عند أي نقطة تفتيش تصطادك شباكها، ثم تبدأ رحلة "الكعب الدائر" بحثا عن سبب يطيل هذه الرحلة أو يقطعها ربما!

شباك الصيد الإسرائيلية، حولتني إلى مطلوب، هكذا وجدت الكلمة مزينة باللون الأحمر في جهاز كمبيوتر مركز شرطة الحورة، مطلوب..لماذا؟ هذا هو العذر الذي لا تستطيع تقبله أو استيعابه!

في العام 2011، بينما كنت معتقلا في فترة السلامة الوطنية، تم الحكم علي غيابيا في قضية رفعها ضدي الرئيس السابق لقناة البحرين الرياضية، يتهمني فيها بالسب! القضية ظلت معلقة في المحاكم منذ العام 2009، لكن الحكم لم يصدر سوى عندما وجد الفرصة مؤاتية، خلال فترة السلامة الوطنية.

وكان عذر القاضي للحكم، تخلفي عن حضور جلسة المحكمة بينما كنت نزيلا في فندق الحوض الجاف، وعنوان سكني العنبر رقم 2.

كما لو أنني وقتها أملك قرار الخاص بالحضور أو التخلف!

في العام الماضي، سافرت ثلاث مرات عبر مطار البحرين الدولي، ولم يستوقفني أحد لسداد الغرامة، لكن حين قرر أحدهم تفعيل قانونه الخاص، وجدت نفسي وسط الشباك الإسرائيلية، في نقطة تفتيش، حيث الأسئلة واللاجواب، لأن مهمة نقاط التفتيش أن تلتهمك فقط وتحولك إلى مجرد رقم شخصي..وغالبا..رقم شخصي مطلوب!



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus