الملك وهواجس التغيير: احتضار أخير

إيمان شمس الدين - 2013-12-20 - 12:17 ص

إيمان شمس الدين* 

ليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها ملك البحرين رغبته بأن يكون جزءًا من منظومة خليجية، ففي بدايات الثورة كان الطلب هو الانضمام للمملكة العربية السعودية، كنوع من الهروب نحو حاضنة قمعية أمنية تحفظ موقع السلطة والنفوذ لعائلة آل خليفة المنقسمة داخليًا، لما تشكله السعودية من قرب جغرافي وعائلي نسبي وقبلي لهم، ومعبرٍ نحو أمان موهوم من ثورة شعب مكلوم من الظلم وسلب الحقوق.

الملك اليوم يجدد الرغبة، ولكن بثوب مغاير هو الاتحاد. والمراجع لتوصيات ومخرجات القمة الخليجية الأخيرة، المنعقدة في الكويت، يلحظ بشكل جلي طغيان الهاجس الأمني على هاجس التنمية البشرية والاقتصادية، بل على دفع مسيرة شعوب منطقة الخليج لمزيد من الدمقراطية والحرية كبديل إصلاحي داخلي لأي محاولات خارجية تفرض ذلك على المنطقة فيما بعد.

وهو ما يدلل على أسباب هذه الرغبة الملكية في الاتحاد، والتي ستعلن نتائجها من الرياض عاصمة السعودية، صاحبة الرغبة السامية في الاتحاد.

فمع تسارع الأحداث في ساحة القتال ميدانيًا في سوريا، وبقاء المواجهة فقط بين الدولة المدنية والمجموعات المسلحة، وإفراغ الثورة من كل مضامينها السامية، بات واضحًا للأنظمة العربية، وخاصة الخليجية، أن التغيير قادم لا محالة. وتبدو السعودية في أضعف حالاتها بعد فقدان نفوذها السياسي في كل من اليمن والعراق ولبنان وسوريا، واستبداله بالقبضة الأمنية بدعم المجموعات المسلحة المتشددة، ونشر سحب الموت وغمامات الفوضى في كل مكان.

وبما أن القرار البحريني في الرياض، واستمرار الساحة البحرينية كمنطقة نفوذ لها، وورقة مهمة في الضغط والمقايضة على أي طاولة مفاوضات مستقبلية، بالتالي فإن الاتحاد يشكل النافذة الخلفية التي يمكن من خلالها تمرير تسويات تدعم موقف الرياض وتعزز من وضع الملك البحريني، ليس كفرد؛ وإنما كعائلة آل خليفة.

فالحراك البحريني مستمر في الداخل، ومحور المقاومة يبدي تماسكًا، ويحقق إنجازات حقيقية في الصراع الإقليمي، ويتحول للاعب محوري وإقليمي، تقيم له الدول العظمى وزنًا في أي تسويات قادمة، وهو محور مؤيد لحراك الشعوب ومطالباتهم المحقة في الإصلاح، ومنها الشعب البحريني . بل هو يضع ملف البحرين على أي طاولة مفاوضات جدية، كون هذه الثورة تم ظلمها بشكل مريع، مقارنة بباقي الثورات في المنطقة.

إذًا تأتي رغبة الملك في استعجال الاتحاد كمحاولة احتضار أخيرة على جسد كهل ضعيف، لم يعد يملك أي قدرة على مقاومة ثورة فتية تزداد توهجًا وقدرة وإصرارًا في تحقيق جل المطالب، حتى لو ضحت بكل وجود ثوراها، في قبال سلطة غير مستعدة للتضحية، ولكنها تبذل مال الشعب البحريني في قمعه وتعذيبه.

إذًا المطالبة بالاتحاد تأتي في سياق المحاولات العديدة لجلالته لمواجهة هواجسه الباطنية من التغيير القادم، عل الاحتضار يفتح له نوافذ لتمديد نفوذ القمع،  ليكسر ضلعًا في صدر الثورة الصامدة.

 

*كاتبة كويتية.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus