أين الخير؟ يا جلالة الملك!

2011-06-29 - 11:17 ص



ينتظر الناس دوماً الخير، وبعد أن يعصف بهم الشر، لا ينتظرون الخير، بل يطلبونه بإلحاح الأطفال، تعلمهم تجربة الشر، أن يعود لطفولتهم البريئة، ليحققوا الخير. كان الناس يا جلالة الملك تطلب من كلمتك الخير، ليس الخير الذي باسمه حدّثك الدعاة الدينيون لتحكم حبال المشانق حول السياسيين الذين كانوا يطلبون الخير لوطنهم باجتهادهم الخاص في فهم الخير، وليس هو الخير الذي باسمه وضع الإعلامييون في تلفزيون حكومتك دوائر حول رؤوس الصحفيين والكتاب، لتحاكم كلمتهم وهتافهم وحقهم في الاحتجاج، ليس هو هذا الخير الذي باسمه تمّ اعتقال الصحافي فيصل هيات، وباسمه قتل المدون زكريا العشيري، وباسمه عذب الناشر كريم فخراوي حتى الموت.  

ليس هو هذا الخير الذي باسمه خوّن القادة السياسيون الموالون لك، خصومهم السياسيين المعارضين لك. وليس هو الخير الذي باسمه وشى المثقفون والأدباء ضد زملائهم لتقتص منهم أجهزة المخابرات ولجان التحقيق والتأديب والفصل.كما أنه ليس الخير الذي باسمه وقفت الجمعيات السياسية، تطالبك بتحقيق الملكية الدستورية تحقيقا، تكون فيه السلطة ممثلة للشعب حكومة وبرلماناً.

ما يطالبك به الناس، بإلحاح لا يقبل التأخير، هو الخير الذي نلمسه في الطيبة اليومية الإنسانية، طيبة أم تنتظر ابنها الذي أخذه جيشك ذات مساء من حضنها، وصار خارج سمعها، هي الطيبة التي تحملها شيبة عجوز ذهب ذات صباح لمسجده القديم ليصلي فيه، فوجد جيشك يسويه بالأرض، هي الطيبة التي تحملها تلك الشابة تجاه بنتها وولدها اللذين شاهدا قواتك، تأخذ أباهما ذات ليل مخيف، ولم يتح لهما أن يشاهداه مرة أخرى إلا فوق دكة مغتسل الموتى في قريتهما التي يروعها جنودك كل ليلة  بأسلحتهم الفتّاكة. إنهم أهل القرى الذي حملوا سيارتك يوماً بقوة طيبتهم.

إنها الطيبة التي حمل بها شعبك يوماً الورود ليستنهضوا بها طيبة جنودك المحيطين بدوار لؤلؤتهم الذي أزلته من جغرافيا وطنهم، وأدخلته من غير أن تقصد حقول قلوبهم التي أحبت كل ذرة تراب في الدوار. إنها الطيبة التي تشبه السذاجة لفرط براءتها، وهي نفسها الطيبة التي كانت تنتظر قراراً منك شجاعاً لتخليصهم من محنتهم.

كانوا ينتظرونها في خطابك، وسيظلون يطالبون بها حتى تتحقق، اعذرهم يا جلالة الملك، ف" الطيبة " كما قال أحد الأدباء - وهم بالمناسبة لا يعرفونه لفرط طيبتهم- الطيبة هشة وطائشة ومجهولة، وفاقدة للإدراك ولا واعية، وتقع خارج دهاء السياسيين، ومواعظ رجال الدين، وحسابات المثقفين. والطيبة خالدة وسرمدية، وتمس -كما يقول هذا الأديب الذي عانى من مخابرات بلاده ما عانينا- تمس كل ما هو حي في هذا الوجود، حتى لو كان فأرا، أو غصن شجرة منحنٍ، يقوم أحد المارة بتقويمه وهو يمشي في طريقه. 

الطيبة لا تعرف اليأس، تظل حية نابضة ينتظرها الجميع، مهما كان الانقسام والثأر وزار الفتنة والتجييش. هناك زر في الإنسان يمكنه أن يضيئها في لحظة ما. لماذا يا جلالة الملك لم تدر هذا الزر في خطابك اليوم؟  لماذا لم تجعل خطابك مرآة تُري فيها شعبك نور الطيبة الذي في قلوبهم؟ اعذرنا يا جلالة الملك، فمرآتنا صريحة جداً، حتى إن هيئة الإعلام في حكومتك، حجبتنا عن أن نضىء للناس في مملكتك، وأشعلت خطابات الكراهية والضغينة والحقد والشتيمة.  مازالت هناك ذرات طيبة تتطاير في فضاء جزيرتنا، قل لهم أن يلتقطوها على ترددات التلفزيون، كي يكون مرآة البحرين.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus