جدل بين مضاوي الرشيد ونواف عبيد حول سياسة الرياض: البحرين أحد أسباب رفض السعودية لعضوية مجلس الأمن
2013-10-20 - 12:25 م
مرآة البحرين (خاص): اعتبر رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر أن قرار السعودية رفض العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي يعبر خصوصاً عن "عدم ارتياح للسياسة الجديدة في واشنطن وبالذات مواقف الرئيس أوباما في المواضيع الخاصة بالمنطقة" من إيران إلى اليمن مروراً بسوريا ومصر والعراق والبحرين.
وشدد صقر على أن "السعودية ترى أن إيران تتدخل في سورية والعراق ومع الحوثيين في اليمن وفي البحرين، وتطالب بأن يكون لها دور، في ظل كل هذا، أميركا تقبل بمنح إيران دوراً في قضايا المنطقة".
وكانت السعودية، قد فاجأت المجتمع الدولي يوم الجمعة الماضي (18 أكتوبر/ تشرين الأول 2013)، بإعلانها الاعتذار عن عضوية مجلس الأمن "حتى يتم إصلاحه، ولازدواجية معاييره" حسب بيان وزارة الخارجية السعودية، واعتبر محللون هذا القرار تعبيرا غير مسبوق عن غضب السعودية من موقف المجتمع الدولي من الحرب الدائرة في سوريا والتعامل مع غيرها من قضايا الشرق الأوسط.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الروسية إنها مندهشة لموقف السعودية وتقف متحيرة أمام اتهاماتها لمجلس الأمن. فيما قالت فرنسا العضو الدائم بمجلس الأمن إنها تتفهم القلق السعودي. ولم يعلق مسئول أميركي على القرار السعودي لكنه أشاد "بالعمل الحيوي" الذي يقوم به المجلس.
في السياق ذاته، وردا على مقال لرجل العلاقات العامة السعودي نواف عبيد امتدح فيه الدور السعودي في البحرين وسياستها الخارجية الجديدة، قالت الأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد إن السعودية لا تواجه حاليا نكسة كبيرة في الدبلوماسية العربية الإقليمية فقط، ولكنها تواجه عزلة متزايدة في المحافل الدولية، عازية السبب إلى سياساتها المواجهة للتغيير في ثورات الربيع العربي وتحديدا تدخلها العسكري في البحرين.
نواف عبيد: السعودية نجحت في البحرين وخليفة بن سلمان قاد البلاد بعيدا عن الاضطرابات
وكان رجل العلاقات العامة السعودي نواف عبيد قد توقع بأن تكون خطوة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بإلغاء خطابه أمام منظمة الأمم المتحدة مصحوبة بتغيرات سياسية ملمومسة وما وصفه بتصحيحات خلال الفترة القادمة تمهيدا لتحول سياسي كامل في السياسة الخارجية للسعودية. وقال عبيد، في مقال نشره بموقع Almonitor المتخصص بالشئون السياسية، إن السعودية أثبت ما سماه قوتها السياسية المتنامية في الشؤون الإقليمية، زاعما أنها اتخذت قرارات قيادية ناجحة فيما يخص الأوضاع في البحرين واليمن.
وأشار عبيد أنه "في ربيع عام 2011، أدرك النظام الملكي البحريني أن ما بدأ باعتباره نداء شعبيا حقيقيا للإصلاح في وطنهم يجري اختطافه من قبل الحركات الثورية الشيعية الثيوقراطية. وحين أصبحت النوايا الإيرانية أكثر وضوحا، فإن القيادة البحرينية فعّلت معاهدة الدفاع المشترك لمجلس التعاون الخليجي، ودعت قوات دول مجلس التعاون الخليجي التي تقودها السعودية للمساعدة في تأمين البنى التحتية الحيوية والهامة في الدولة".
وقال عبيد، الذي وقف سابقا خلف فبركة علاقة بين ضابط في الحرس الثوري الإيراني وأحد الزعماء السياسيين المعتقلين في البحرين، قال إن السعودية تصرفت للتأكيد على استقرار وأمن البحرين.
وزعم أن السعوديين استخدموا قدراتهم الدبلوماسية ليقودوا رد فعل استراتيجي جماعي للأزمة البحرينية ويصدوا النوايا الثورية الإيرانية، حسب وصفه، مدعيا أن ذلك تم بالاعتماد على النظام الملكي والمؤسسات السياسية والمجتمع المدني، مسميا هذه الأطراف بأنها الركائز الجوهرية للدولة البحرينية.
ورأى عبيد أن القوى الغربية لم تظهر أي علامة على الدعم المباشر للنظام الملكي البحريني، وعليه فقد تم تم إرسال قوة مجلس التعاون الخليجي التي تدعمها السعودية لخلق بيئة سياسية مناسبة للحوار. وادّعى أن هذا ما سمح للحكومة البحرينية، تحت قيادة رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان، إلى حماية البلاد من مصير دول المنطقة الأخرى التي فشلت في مواجهة الاضطرابات.
وزعم عبيد أن ما سماه الغطاء الاقتصادي والسياسي والعسكري الذي وفرته السعودية وحلفاؤها دول مجلس التعاون الخليجي إلى البحرين واليمن أثبت محوريته في إعادة الاستقرار إلى هاتين الدولتين.
وقال إنه ينبغي النظر في مبادرة إقليمية مماثلة، ولكن غير متطابقة، لتوسيع التدخل السعودي في سوريا بشكل كبير، وإنه من المهم تماما أن ينجح هناك مشروع إقليمي بقيادة السعودية.
مضاوي الرشيد: قرار السعودية احتجاج صبياني، وتدخلها في البحرين كان لحماية النظام الملكي
بدورها علقت الأكاديمية السعودية المعارضة مضاوي الرشيد على انسحاب السعودية من المجلس بأنها تضع نفسها في زاوية وتزيد عزلتها، في حين تنفذ خططا مكلفة تتجاوز إلى حد بعيد قدراتها الذاتية.
واتهمت الرشيد مقال الكاتب نواف عبيد بأنه جاء في سياق إصلاح وتصحيح صورتها، وبالخصوص توقع عبيد أن تفعّل السعودية التحالفات العربية ضد التهديدات الإقليمية، وذلك لما سماه تحرير الدول العربية من الاعتماد على الدعم الغربي، وقالت الرشيد إن هذا الدعم يبدو أنه يقوض بالتقارب الأمريكي الإيراني الأخير.
وقالت الرشيد في مقال نشر بالموقع ذاته تعليقا على مقال عبيد، إن السعودية تتفاخر بنجاح التدخل العسكري المباشر في البحرين تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي والدبلوماسية المثمرة في اليمن "لكن كلا البلدين لا تزالان متقلبتين حتى وقتنا الحاضر".
وأضافت أن قمع حركة جماهيرية حقيقية في البحرين واستبدال رئيس واحد بنائبه في اليمن ليست وصفات للاستقرار على المدى الطويل في شبه الجزيرة العربية "هذه النماذج من التدخل لا تملك إلا تطويل المواجهة لمجرد أنها فرضت من قبل القوة السعودية ضد رغبات الشعب في هذين البلدين".
ورأت الرشيد أن القوة العسكرية التي تم نشرها ضد المتظاهرين السلميين في البحرين كان لها هدف واحد، ألا وهو الحفاظ على النظام الملكي على حساب حكومة تمثيلية حقيقية، ما يترك البلاد في حالة من اللااستقرار والإهمال طويل الأمد.
تتابع الرشيد "لا يمكن أن يكون هناك إطار أمني عربي جماعي تحت قيادة السعودية مبنيا على الغاز المسيل للدموع وعلى التدخل في الشئون الداخلية للجيران من وراء الكواليس. السعودية ليست حكما محايدا في الصراعات العربية الداخلية. نعم، لديها في تصرفها ثروة لا تصدق، ولكنها لا تزال غير قادرة على لعب دور قيادي في المنطقة بسبب وضعها الداخلي ببساطة".
وقالت الرشيد إنه من خلال رفضها عضوية مجلس الأمن، تقدم السعودية احتجاجا صبيانيا ، بدلا من سياسة الاستباق والحزم التي يتحدث عنها نواف عبيد. وفيما يخص الدعوة إلى الاتحاد، التي اقترحها الملك السعودي مباشرة بعد بداية انتفاضات الربيع العربي، أشارت الرشيد إلى أنه لم تكن هناك من دول مجلس التعاون الخليجي متحمسا لهذه الدعوة سوى البحرين.
واعتبرت الرشيد السعودية بأنها قوة إقليمية أثبتت أنها العدو اللدود للقوى الديمقراطية التي تكافح من أجل تفكيك عقود من التهميش و القمع، وقالت إنه ليس من الممكن الآن أن تملى سياسة واحدة أو أن تقام تحالفات كبيرة لا في شبه الجزيرة العربية نفسها ولا في المنطقة العربية كلها.
وخلصت الرشد إلى أن سياسات السعودية في رعاية بعض الأطراف ورفض رغبة المجتمع الدولي ستأتي بنتائج عكسية من شأنها أن تزيدها عزلة.
هوامش:
- مضاوي الرشيد: معارضة سعودية مقيمة في لندن، كاتبة صحافية، مؤلفة، وأستاذة زائرة في كلية لندن للاقتصاد والسياسية.
- نواف عبيد: يوصف بأنه رجل المهمات القذرة في المخابرات السعودية، برز خلال تولي الأمير تركي الفيصل رئاسة المخابرات ثم خلال توليه منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة، يكتب مقالات (علاقات عامة) في عدة صحف غربية منها واشنطن بوست، يوصف بأنه عضو فاعل في جهاز إعلام مهمته درء فشل الدبلوماسية السعودية في الغرب. كان زميل بحث في عدة مراكز دراسات دولية، ويعتبر أحد أبرز الشخصيات تمثيلا للسعودية في الغرب، وإن لم يكن يحمل منصبا رسميا.
- شاكوري-مشيمع: فضيحة نواف عبيد... رجل المهمات القذرة في المخابرات السعودية
- السعودية ترفض عضوية مجلس الأمن لعجزه عن حل قضايا الشرق الأوسط