الأمين العام: ما العمل؟

عادل مرزوق - 2011-06-22 - 9:16 ص





عادل مرزوق*

سأضم صوتي مسموعاً لصوت الأمين العام لجمعية الشيخ علي سلمان الوفاق لأقول: ما العمل؟ ما العمل في هذا المأزق الكبير؟ يقف سلمان وحيداً أمام اختبار صعب، اختبار لا يقل صعوبة عما حملته تطورات المشهد السياسي في البحريني منذ الرابع عشر من فبراير الماضي.

في اليد، الدخول في حفلة الحوار المفتوحة التي لن تخرج بأكثر مما خرجت به توقعات الزميل عباس أبو صفوان في مقاله الأخير. أو اتخاذ موقف متصلب – قد يسحب منه الاصطفاف الدولي الداعم له – يرفض الحوار دون تهيئة المناخ المثالي والآلية القادرة على الخروج بما تطمح له جماهير المعارضة ككل. يبدو الدخول برجل واحدة في الحوار وإبقاء الأخرى خارجه الخيار والتكتيك الأوفر حظاً، لكنه تكتيك معرض للاستهجان وربما الصدام المباشر مع تقدير الشارع ومدى تقبله للتسوية التي لا يزال رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني من يدير تفاصيلها.

الإشكالية الأخرى والتي لا تقل أهمية، هي موضوعة التمثيل، فلا يمثل الشيخ علي سلمان وفي هذا التوقيت بالذات شارع الوفاق وحده، فهو أمين عام لشارع المعارضة كلها، حركة حق، الوفاء الإسلامي، وربما يشمل الشريحة الأكبر من جمعية وعد، تلك الشريحة التي لاقت التطورات الأخيرة في وعد باستهجان كبير.

وبقدر ما تبدو المعادلة على أمين عام المعارضة صعبة الحل، ومعقدة، بقدر ما يبدو الارتكاز على "الشارع" وخيارات "الشارع" وردود فعل "الشارع" معادلة الإنقاذ الكافية للجمعيات السياسية في هذا المطب. وكما لم تكن الوفاق منذ البدء من أوقدت شرارة الرابع عشر من فبراير، تستطيع الوفاق الرهان على قرار هذا الشارع في التوقيت الذي يراه مناسباً للوقوف ضد أي تسوية لا تقر بشرعية المطالب العادلة في الوصول لملكية دستورية. وحده الشارع – بجميع اصطفافاته وألوانه – من يستطيع ضمان قوة المركز التفاوضي للوفاق في هذا الحفل، ووحده الشارع من يستطيع أن يفرض على طاولة الحوار ما يريد، وقتما يريد.

على الأرض، يملك النظام آلة إعلامية جبارة تستطيع الترويج للحوار في شتى وسائل الإعلام العالمية، لكنها آلة فاقدة للمصداقية، وهو إعلام لا يصدقه أو يثق به أحد. وحين يقف الشارع ليعبر وبوضوح عن رفضه لأي تسوية مفروضة عليه بالقوة فإن أحداً لا يستطيع أن يقف أمام مصداقية هذا الشارع وعدالة مطالبه، وسلميتها، واحترامها من جانب وسائل الإعلام في شتى العواصم العالمية قاطبة والتي أصبحت تعج بالسياسيين والإعلاميين البحرينيين الفارين من قبضة العسكر وسطوتها.

وحده هذا الشارع الذي قدم هذه الباقة من الشهداء الأبرار والتضحيات الكبرى هو الضمانة للجمعيات السياسية في هذا الحوار التلفيقي، وحده هذا الشارع من يملك القرار الحقيقي على الأرض، وتدرك الدولة تماماً أن لا فاعلية ولا جدوى من السيطرة على هذا الشارع عبر الحل الأمني الذي لا يزال يكبدها المزيد من الخسائر الاقتصادية كل يوم. لم يعد للشارع البحريني ما يخسره في هذه الأزمة، ولعلي على ثقة بأنه مستعد لتقديم المزيد من التضحيات في سبيل نيل كرامته وحريته. كرامة وحرية غير مبتورة أو مجزوءة أو معلقة بحلول من نوع "نصف الكم" – كما يقول إخوتنا المصريون - والتي تسعى الدولة لإقرارها والنفاذ منها. سجل الخسارات في الدولة يتفاقم ويتضخم، وهي الطرف الذي من الأولى به أن يدرك صعوبة موقفه، وضيق خياراته.

على الدولة أن تدرك أن المصالحة الوطنية بما يشمل رد اعتبار هذا الشعب وأن الحوار الجاد والمسؤول بمشاركة جميع الرموز السياسية في المعتقل، هو الحل الحقيقي لهذا المأزق، وأن المماطلة لا تعني أكثر من إرسال المزيد من فواتير الخسارات السياسية والاقتصادية، وعليها أن تدرك جيداً أن كثرة الديون تبعد الأحبة.

* كاتب بحريني 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus