اللوموند الفرنسية: انتفاضة البحرين: مشاكل و تحيزات

2011-06-15 - 7:10 ص



ريم مسعود *– جريدة اللوموند الفرنسية
ترجمة: مرآة البحرين.


لقد شهدنا في آذار / مارس المنصرم الاشتباكات العنيفة في البحرين، وحملة القمع التي شنتها القوات السعودية بعد أن دخلت إلى البلاد في أعقاب المظاهرات السلمية التي كانت تدعو إلى إقامة ملكية دستورية وكيف سارعت إيران إلى اتخاذ موقف متشدد من المملكة العربية السعودية داعية المملكة إلى سحب قواتها ووقف تدخلها في البحرين. والبحرين - مثل إيران- ذات أغلبية شيعية لكنها تحكم من قبل الأقلية السنية، ودائماً ما كانت إيران تسارع إلى إعلان دعمها لهذه الأغلبية في الأزمات، مما يؤدي بالمراقبين إلى الحديث عن صراع سعودي إيراني على الأراضي البحرينية.

وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن أي تغيير في التركيبة السياسية في البحرين سيكون من صالح إيران التي تخشى السعودية أن يتعزز نفوذها في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا البلد يشكل قاعدة عسكرية كبيرة للولايات المتحدة حيث يضم مقر الأسطول الخامس الاميركي الذي يدخل في صميم مسؤلياته مراقبة الوضع في الخليج. وبهذا فإن قضية الأمن الإقليمي هنا لها الأهمية القصوى بالنسبة للولايات المتحدة.

و لكن أبعد من السياسة وقضايا الأمن تأتي قضية الشعب الذي خرج في بادئ الأمر مطالباً بحقوقه الإنسانية والاجتماعية، ومن بين الجماهير التي خرجت لم يكن هناك الشيعة فقط كما تريد لنا وسائل الإعلام أن نصدق، وهي الوسائل التي انصب تركيزها على الخلاف الديني التقليدي: الشيعة مقابل السنة أو العكس. إن رياح الثورة التي هزت العالم العربي هي نفسها التي هبت هنا وللأسباب ذاتها: الظلم، والفساد، والفقر، والبطالة، وانعدام الحريات، وما إلى ذلك.

وينبغي لنا في عرض الحقائق أن نؤكد على القضايا الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى الثورة وليس على الجوانب الدينية والطائفية، لأننا بهذا نكون قد اتبعنا نفس النهج الذي تنتهجه القوى الكبرى في المنطقة، وهو النهج الذي دائماً ما أدى إلى إضعاف موقف بلدان الشرق الأوسط في السياسة الإقليمية. وها نحن نواجه الآن بنفس الذريعة، و هذه المرة بدعم من قبل القوتين الإقليميتين المتنافستين مما لا يساعد أبداً على إيجاد الحلول المناسبة للأزمة. فالهاجس الديني غالبا ما يخلق المزيد من المشاكل.

والظاهرة الأخرى الملفتة هنا تمثلت في الصمت شبه الكامل من قبل وسائل الإعلام العربية حول هذا الموضوع، بما في ذلك قناة الجزيرة القطرية التي قامت بتغطية متميزة للثورات العربية الأخرى حتى حازت على إعجاب الغربيين الذين أشادوا بشفافيتها واحترافيتها. وفي مواجهة الأحداث في البحرين فقد انتظرنا من الجزيرة أن تخبرنا بما كان يحدث لكن عدا عن الصور المعتادة التي أظهرتها فقد تجاهلت القناة الأزمة وسط استغراب المراقبين. ومن دون شك فقد أتى هذا التجاهل تفادياً أولاً لغضب المملكة الجارة التي هي العربية السعودية كما أتى هذا التعتيم الإعلامي أيضاً تفادياً لموجة  محتملة من الثورات في الخليج الذي تنتمي إليه قطر. وفي الواقع فإن التغطية الإعلامية المنتظرة قد تشكل تهديدا لاستقرار هذه الملكيات الخليجية، فتكوّن نظام جديد في البحرين قد يعرض منطقة الخليج لانفجار محتمل وهو كابوس تخشاه هذه البلدان.

ورغم ذلك فها هنا نقد لابد أن يوجهه المرء لوسائل الإعلام العربية، فالسكان الشيعة في البحرين لهم الحق أيضا في أن يحظوا بدعم الشعوب العربية وهم يسعون مثلهم لنيل حقوقهم المشروعة. ولكي يستدرك الإعلام العربي ما فاته فينبغي له أن يطرح الأمور بموضوعية وأن لا يقع فريسة للتمييز الطائفي وللاعتبارات القبلية أو الدينية أو الإقليمية. فعندما يتعلق الأمر بالحقوق المشروعة للشعوب فليس لنا إلا أن نكون عادلين فالحقوق لا تعرف القسمة ولا مجال فيها للتحيزات الإثنية أو الإقليمية.

* ريم خوني مسعود: أستاذ في دراسات التاريخ المعاصر ومتخصص في الشرق و العالم العربي بجامعة باريس 3 السوربون الجديدة
 
8يونيو2011

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus