مراسيم الملك الرعديد: لا يمكن دفعها لكن يمكن التمرد عليها
2013-08-07 - 3:49 م
"المستبد خواف رعديد، يخاف من أفراد رعيته أكثر مما يخافون منه"
"كلما زاد المستبد عسفا وجورا زاد خوفه من رعيته"
عبد الرحمن الكواكبي
مرآة البحرين (خاص): ماذا يعني أن يصدر ملك ما، أربعة مراسيم ملكية، مكتظة بلغة التهديد والوعيد لشعبه، في مدة لا تتجاوز أسبوعاً واحداً، غير أنه ملك مرتعد من شعبه؟ وما سبب خوفه وارتعاده من شعبه غير تكبره عليهم وعسفه وجوره واستبداده وطغيانه وفساده؟
إنه إسهال المراسيم، والإسهال يلازم الخائف غالباً، خلال أسبوع واحد أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة 4 مراسيم للتضييق على المعارضة وتطويع القوانين لاستهداف قياداتها والأصوات التي تنادي بإنهاء الحكم القبلي لصالح حكم ديمقراطي تعددي.
من الناحية القانونية، الطعن متعذر لأن القوانين لا تسمح للأفراد بالطعن المباشر على القوانين أمام المحكمة الدستورية ولا يمكن إلا عن طريق دفع فرعي أمام المحكمة العادية، وهذا لا يمكن الاستجابة له بدون قضاء مستقل وعادل.
حمد بن عيسى آل خليفة الموجود في لندن، لإجراء مباحثاتٍ، قيل إنها لحلحلة الأزمة التي أرعدت نظامه، يصدر من هناك، مساء أمس 6 أغسطس/ آب 2013 مرسومين بقوانين عن بعد، تمعن في قبضتها الأمنية أكثر، لخنق كل حراك للشعب الذي ثار من أجل التغيير. جاء ذلك بعد أن تخلت السلطة التشريعية بغرفتيها المعينة وشبه المعينة، عن كامل صلاحياتها (الممثّلة لمطالب الشعب)، إلى صالح الملك (الذي ضاق به خناق الشعب)، وأطلقت يده لضرب فئة معينة من الشعب، في سابقة لم تشهدها أي دولة، حتى في العالم الرابع!
المرسومان الأخيران، نصّا على تعديل قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات وتعديل قانون الأحداث، وجاءا بشكل سريع ليواكبا سرعة اقتراب تمرد البحرين المقرر في 14 أغسطس/ آب الجاري. الأول حظر كل أشكال التظاهر في العاصمة المنامة، والثاني هدّد "من يتولى تربية الحدث" بإجراءات عقابية في حال شارك الأخير في تظاهرات تتراوح بين السجن والغرامة. هذا بخصوص مرسوم الملك الرعديد.
لكن بخصوص الشارع الذي لا يكترث بوعيد الرعديد، ولا بمحاولات إرعابه وإرهابه، كان ثمة إجابة أخرى تنتظر مرسوم الملك. فمرسوم التجمعات الجديد الذي يحظر التظاهر في العاصمة المنامة، سقط بعد نحو عشر دقائق من إصداره، حيث شهدت تظاهرة حاشدة جددت المطالبة بتقرير المصير، فيما تستعد لتظاهرة أخرى السبت المقبل ضمن فعاليات التمرد الذي دعا لها ائتلاف 14 فبراير. أما قانون الأحداث الذي حاول ترهيب الآباء والأهالي، فقد كسرته النساء اللاتي اصطحبن أولادهن وبناتهن في ذات التظاهرة التي جابت الحي التجاري القديم في المنامة التي "لن تكون إلا مُلكا لشعب البحرين".
قبل هذين المرسومين الأخيرين، أصدر الملك في الأول من أغسطس/ آب الجاري مرسومين آخرين، ما أسماهما "حماية المجتمع من الإرهاب" و"تنظيم جمع المال للأغراض العامة"، بهدف تشديد العقوبات على المتورطين في "الإرهاب"، غير أن تعريف الإرهابي في البحرين يختلف عن جميع الدول.
فالإعلام الرسمي يسمي كل من يحتج ويتظاهر على حكم القبيلة إرهابيا، وجميع المغردين على تويتر "إرهابيون"، والطفل الذي يعزف نغمة "تن تن تتن" إرهابي، والسيدة التي تحمل شمعة في تظاهرة حزينة "إرهابية"، لا أحد معصوم من الإرهاب سوى النظام ومرتزقته.
أما قانون تنظيم جمع الأموال فهو عبارة عن "سوالف" جاءت على شكل قانون، وهذه إحدى "سوالفه":
"يجب على كل شخص طبيعي أو اعتباري تلقى تبرعا للأغراض العامة بغير ترخيص أن يبلغ الوزارة خلال سبعة أيام بقيمة هذا التبرع والغرض منه والمتبرع وعلى الوزارة أن تخطر خلال خمسة عشر يوما بقبول هذا التبرع أو رفضه"
ويضيف " لا يجوز للمرخص له إنفاق المال في غير الغرض الذي جمع من أجله وفي حالة الرغبة في تغيير هذا الغرض يجب الحصول على موافقة الوزارة".
وفكرة القانون "السوالف" هي محاصرة الأموال الخيرية التي تنفق في تحسين أوضاع العوائل التي تضررت بفقد حياة معيلها أو فصله من عمله أو الحكم عليه بالسجن أو مساعدة طالب متفوق حرمه النظام من بعثة دراسية لاعتبارات مذهبية وسياسية.
القوانين التي أصدرها "الملك المشرّع"، واجهتها الأمم المتحدة ومنظمات دولية بانتقادات حادة، ورأت فيها مخالفة لالتزامات البحرين الدولية، ولم تجد فيها إلا خطوات من أجل الإجهاز على ما تبقى من حقوق الإنسان، إن كان تبقى منها شيء أصلاً.
حالة الرعب التي يعيشها النظام، أفرزت وبسرعة إجراءات وتدابير قانونية مشوهة، في الأدنى، لا تحمل صياغاتها أي لمسة قانونية، بل يمكنك أن تقرأ فيها العجز الكلي عن مواجهة التمرد الشعبي المستمر منذ أكثر من سنتين، ويُستدل على ذلك بنصها على معاقبة "أولياء أمور المتظاهرين"!
سيبقى "الملك الرعديد" يصدر المراسيم لنفسه، ليقول إن نظامه حاضرٌ في الساحة التي فرضت منذ فبراير 2011 معادلة جديدة قوامها "السلطة بالشرعية" وأن لا سلطة لمن لا شرعية له. أما إسهال المراسيم فيعكس حالة عضوية مماثلة فرضها الخوف والارتعاد.
- 2024-11-30 “احتراز أمني”.. ذريعة السلطات البحرينية لاستهداف المفرج عنهم بالعفو الملكي
- 2024-11-29رسول الجشي.. المشكوك في كونه بعثياً
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟