هل يؤتي ربيع البحرين ثماره؟

2011-06-01 - 3:24 م


 جيمس ناتي- بي بي سي:
ترجمة: مرآة البحرين


هناك عملة نقدية قد تجدها متداولة في البحرين، لكن الحكومة أوقفت صكها، لأنها تحمل في أحد وجهيها صورة النصب الذي كان يتوسط دوار اللؤلؤة، الذي اتخذه المتظاهرون المعارضون للحكومة مقراً لهم أثناء اعتصامهم في الربيع. أن تخاف حكومة من عملة معدنية، لهو دليل على مأزقها، فقد تم هدم النصب نفسه عندما تم تفريق المعتصمين بوحشية في مارس الماضي. وهكذا ففي عرف هذا الحكم المستبد لا بد للعملة أن تختفي أيضاً.

وقد كان سحب العملة من التدوال في البحرين التي فاخرت طويلاً بكونها معقلاً للتسامح في الخليج (وكان حالها كذلك غالباً) من علامات المأزق المحرج الذي وجدت العائلة الحاكمة في البحرين نفسها فيه. لكن ذلك لم يكن ذعراً لا أساس له فالخطر على حكم العائلة كان حقيقياً. لقد خرج مئات الآلاف من البحرينيين إلى الشوارع و شاركوا في الاحتجاجات التي بدأت في فبراير وانتهت برد عنيف من الحكومة تبعته حملة اعتقالات وتوقيفات قاسية، حتى صارت رائحة الخوف تملأ أرجاء هذه المملكة الصغيرة ذات العدد السكاني الذي لا يتجاوز المليون ومئتي ألف. و صار الكلام عن الضرب  التعذيب شائعاً في الشارع البحريني خصوصاً - لكن ليس حصرياً- في أوساط الشيعة الذين يمثلون أغلبية السكان. أما الحكومة و النخبة الحاكمة فتنتمي إلى السنة. وينتظر أن يبرز هذا التشخيص التقسيمي بين الحكم والمعارضة إلى الواجهة في الأول من يونيو الأربعاء القادم، وهو اليوم الذي سترفع فيه حالة الطوارئ. فالحكومة تقول إنها تريد أن تبدأ في مفاوضات جادة من أجل الإصلاح الديمقراطي (وهو الموقف الذي يمثل ولي العهد واجهته الرئيسية)، و هذه المفاوصات هي ما تدعو إليها المعارضة الرئيسية أيضاً.

لا يستطيع أحد التكهن بما سيحصل وما إذا كانت أي شرارة ستشتعل لتشعل معها احتجاجات عارمة تؤدي إلى رد  آخر عديم الرحمة من الحكومة. فمن المفترض أن تنسحب الدبابات التي تتمركز في وسط المنامة يوم الأربعاء، لكنها قد تعود إلى انتشارها عند أول بادرة للمظاهرات.

وقد بدا لنا أمرين واضحين من خلال كلامنا مع النشطاء المعارضين للحكومة خلال الأيام القليلة الماضية. أولهما أن الشهادات الشخصية للوحشية التي تعامل بها النظام مع المعتقلين – رغم أن أكثر الشهادات أدلى بها الأقارب أو الأصدقاء– كانت قوية و مقنعة. وقد تم استهداف أطباء ومحامين ومعلمين. و تحدثت إلينا امرأة لا نستطيع تسميتها – لأنها ستتعرض للاعتقال بسبب ذلك بالتأكيد – عن معاناة عائلتها التي تؤكد قصتها وحشية السلطة بشكل لا مجال فيه للشك. فالتعذيب والاعتقال والاختطافات الليلية والوحشية الممنهجة، كلها أمور صار الكثيرون في البحرين يعيشونها كحقائق على الأرض.

وثاني الأمرين هو أن أكثر المنادين بالإصلاح كانت مطالبهم متواضعة حسب المعايير الغربية، فلم يكونوا يطالبون بطرد العائلة الحاكمة أو بإعدامها (رغم أن رئيس الوزراء الذي يتربع على منصبه منذ واحد وأربعين عاماً، وكان محل نفور أو حتى كره من قبل الكثير من المتظاهرين) بل كانوا ينادون بالملكية الدستورية التي يدعون أنها ستكون تطوراً طبيعياً لتقاليد الحكم في الخليج. فلماذا لم تصغ الحكومة لهم إذاً؟

كان الخوف الذي أشاعته الحكومة في الشارع لا يقابل إلا خوفها المتجذر من التهديد الذي تراه ماثلاً ضد أساس حكم العائلة الحاكمة القبلي. كما أن للسعودية التي يربطها جسر بري في البحرين مصلحة قوية في بقاء نظام الحكم على ما هو عليه. فشواطئ البحرين تمثل في النهاية جزءاً من النظام الذي يقوم عليه الحكم في السعودية، وأي تغيير جذري في البحرين قد يسرع من تحديات غير متوقعة لحكام الرياض. وبالنتيجة فحكومة البحرين ترزح تحت هذه الضغوط وتشير بعصبية إلى "اليد الخفية" لإيران على الجهة المقابلة من الخليج التي تمد يد العون "لإخوتها" الشيعة في البحرين. 
  

والحال أن الآراء حول المنطقة لا تزال منقسمة فيما تتحدث السلطات في البحرين عن تسوية قادمة. وقد صرح لنا الشيخ عبدالعزيز بن مبارك الخليفة المستشار في هيئة الإعلام البحرينية للشئون الدولية أنه "كانت هناك أخطاء ارتكبت من قبل الجانبين"، لكنه نفى الاتهامات بشأن وحشية قوات الأمن وأصر على أن الحكم تقبل المطالب بالإصلاح مؤكداً بأن "الربيع العربي" غير كل شيء و أنه لا رجعة عن الإصلاح.  وهنا سألناه إن كان يعني إصلاحاً حقيقياً هنا؟ فجاب بنعم.

ومن جهة أخرى فإننا نسمع نفس الخطاب من الوفاق – جمعية المعارضة الشيعية الرئيسية – لكنه خطاب معقود مع شكاوى واتهامات مريرة للسلطة بممارسة العنف ضد الناس. أما الشيخ عبد اللطيف المحمود، من تجمع الوحدة الوطنية السني، فقد صرح بأنه لو كان هناك حوار وكان كل طرف على استعداد للتنازل قليلاً، فإنه بالإمكان الوصول إلى تسوية ترضي كل الأطراف.

و من الصعب على المرء أن يجد الطمأنينة على الوضع الآن، فيما نسمع بتوقعات عن انفجار للوضع في الأيام القادمة. فهل ستضع الحكومة المعينة من العائلة الحاكمة خطة للحوار السياسي؟  وهل سيستمع إليها الناس الغاضبون؟

في هذه المملكة التي طالما كانت صديقة وحليفاً استراتيجياً لبريطانيا وأمريكا، لا يعرف أحد ما تخبئه الأيام القادمة. لا يمكنهم إلا الانتظار بينما يخمنون ما سيأتي. 
     
30 May 2011


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus