دوار اللؤلؤة في المنهج المدرسي

2011-06-01 - 1:49 م



مرآة البحرين (خاص):
كل شيء يبدو مختلفا تماما، المقاعد الدراسية التي جمعتني ذات يوم مع زميلات من الطائفة الأخرى أصبحت متنافرة حاليا، الصف الدراسي المنتشي بالتعاون حد الثمالة، صار فريقين لكل منهما وجه طائفة غاضب، والطالبات مشحونات حد الاحتقان، المريلة المدرسية الأنيقة صارت يافطات سياسية، تُعلق عليها صور استفزازية.

شعوري كمعلمة اتجاه الطالبات يتجه للحذر ويبدو بصورة واضحة هلاميا لم يتشكل بعد، وسؤال إحدى الطالبات لي: معلمة شرايش فينا؟ جعلني أفضح مشاعري اتجاه الوضع: انتن منافقات وفتانات.ردت إحداهن النفاق والفتنة منتشرة حتى خارج المدرسة، في إشارة واضحة لما تعيشه البحرين من قلق حيال الحرية التي يحلم بها بعض الناس.

العلاقات الجميلة التي كانت تجمعني بطالباتي أصبحت مشوبة بنظرات لها رائحة الكراهية والتوجس، فقط لأنني من طائفة مختلفة. هن على أهبة الاستعداد لرصد كل شيء من الحرف إلى الكلمة إلى الحركة والإشارة. لا يهم إن كنت أقصد الدرس أو أقصد العالم الخارجي أو أقصد عالمي الداخلي، المهم أن ينقلن التقرير اليومي للجان المراقبة المتأهبة للرصد.

مقررات اللغة العربية في المنهج الجديد، لم تأخذ في اعتبارها حساسية الوضع الجديد، فأحد المقررات يتحدث عن الحداثة الحقيقة والحداثة المزيفة، وما يرتبط بها من دعوة للحرية، ويحيل على اقتباسات من خطب للإمام علي تتحدث عن معاني التحرر من العبودية والقيود، والدعوة إلى الثورة على الظلم ومواجهة الظالم. إنها الكلمات نفسها التي كنا نسمعها في دوار اللؤلؤة، لكن الأمر بدل أن يكون محرجاً للوزارة، صار مربكاً لنا. كيف نعلم الطالبات ما كنا نقوله في الدوار، ويقوله المنهج الجديد، من غير أن نقصد شيئا يحيل إلى ما يجري في البحرين؟!

كل شيء قيل في الماضي، صار يحيل إلى ما يحدث اليوم، كما هو الأمر مع قول ابن الآبار الأندلسي:
يـالـلمساجد عــادت لـلعدا بِـيَعاً          ولـلـنداء غــدا أثـناءها جـرسا
كأنه يشير إلى مساجد البحربن، التي استثارت حتى باراك أوباما، وقال فيها ما يشبه قول ابن آبار.

المدرسة صارت قرين الشك ومحل الثقة الزائلة، هذا ما قلته لزميله نقلت مؤخراً لمدرستنا، بعد شكواها بظن المعلمات بها ظن السوء.

مازلت أتعجب من الفرح الغريب الذي رأيته في عيون مجموعة من طالباتي، حين دقت الباب ذات حصة شرطية، كانت تحمل معها ورقة صغيرة ونادت عدد من الطالبات من ذات الفئة التي يطلقون عليها في الإعلام الخونة، وأخذتهم للخارج أشفقت عليهم، كانت نظراتهن تنادينني، أُخذن إلى مركز الشرطة وتعرضن للضرب وطُلِبَ منهن ضرب عدد من المعلمات الموقوفات في ذات المركز. إحدى الطالبات لم تحتمل أن تعود إلى المدرسة، وترى معلماتها المضروبات، فضلت الانسحاب، فيما بعضهن تعرضن للفصل التعسفي.

  


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus