حركة تمرّد في البحرين تستعيد ذكرى الاستقلال في 14 أغسطس
يوسف مكي - 2013-07-06 - 10:29 ص
يوسف مكي*
في عام 1919، نشر الكاتب الأمريكي جون ريد روايته الشهيرة "عشرة أيام هزّت العالم"، وهي رواية تؤرّخ للثورة البلشفية في روسيا 1917، لا بل تُعد هذه الرواية أصدق ما كُتب عن هذه الثورة، لأن الكاتب عايش أحداث هذه الثورة لحظة بلحظة.
وإذا احتاجت الثورة الروسية لعشرة أيام لتهز العالم، فإن الثورة المصرية الثانية، ثورة 30 يونيو، اختصرت هذه المدّة إلى النصف لتهزّ العالم من أقصاه إلى أقصاه في خمسة أيام. وليخرج الشعب المصري في أكبر حشد شعبي في التاريخ ليستعيد ثورته المسروقة، ويصحّح مسار التاريخ والثورات، ليس في مصر فقط، بل في المنطقة عمومًا، والعربية خصوصًا، وبشكل أخص تلك البلدان التي تشهد حراكًا ثوريا منذ حين.
ولإعادة الثورة المصرية إلى أصحابها الحقيقيين كان لابد من حركة ثورية شاملة لا تستثني أحدًا، فكانت حركة تمرد. هذه الحركة التي استعادت وهج وعنفوان ثورة 25 يناير، ليسقط حكم الإخوان بعد خمسة أيام من الاحتشاد في الميادين، وتبدأ مرحلة جديدة من حكاية ثورة مصر التي يقودها الشباب.
لذلك لا غرابة أن تشخص أبصار العالم إلى هذه الثورة، ولا غرابة أن نشهد استلهامًا لحركة تمرّد المصرية في عدد من البلدان العربية، بدأت بتونس والبحرين، حيث يشهد هذان البلدان فصول ثورة لم تنتهِ بعد.
وكما كان لثورة 25 يناير دورٌ في انطلاق عدد من ثورات الربيع العربي، باتت حركة تمرّد المصرية مثالًا آخر يحتذى. فمنذ اليوم الأول، 30 يونيو، لانطلاق حركة تمرّد، تداعى الشباب البحريني وثوار حركة 14 فبراير لتدشين حركة جديدة تحت اسم حركة تمرّد، واتخذت لانطلاقتها مناسبة عزيزة على الشعب البحريني قاطبة، وهي مناسبة يوم الاستقلال، الموافق 14 أغسطس من سنة 1971، هذه المناسبة التي ظلّت طي الكتمان والنسيان، لا بل الإلغاء، من قبل النظام الحاكم، وذلك في تجاهل واضح لتاريخ وتضحيات الشعب البحريني في سبيل استقلاله ونيل حريته.
إن الشباب البحريني، وكما فعل الشباب المصري، يستعيد زمام المبادرة، ويؤكد للعالم أنه لا يقلّ عن بقية الشعوب الأخرى في تقرير نوع النظام الذي يحكمه، وأن لديه ثورة هي من نفس عمر الثورة المصرية، تآمر عليها الأشقاء قبل الغرباء، وسحقوها بنارهم وحديدهم ونسوها، لكنها مع ذلك مستمرة، برغم القمع من قبل النظام والتعتيم الإعلامي المقصود، والدعم الدولي للنظام، وأن الشباب سيظلون في الساحات.
وما قيام ودعوة حركة تمرد البحرينية للاحتشاد في 14 اغسطس القادم إلا تأكيدٌ على أن جذوة ثورة 14 فبراير مستمرة، والمطالب الشعبية في الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة قائمة، وأن الحقوق تنتزع ولا توهب، خاصة في ظل نظام قائم على منطق الغلبة والسيف القبليين، لا منطق المشاركة والديمقراطية المدنيين.
أجل نحن عمّا قريب بإزاء: 14 فبراير + حركة تمرد + 14 أغسطس = انبثاقة فجر جديد طال انتظاره في هذه البلاد، بلاد اللؤلؤ والمحار، بلاد أوال بلاد، الهولو واليامال.
وصحيح أن حركة تمرد البحرينية قد لا تهز العالم، لأن العلم لا يريد أن يرى أو يسمع ماذا يدور في هذه البلاد، لكنها –حركة تمرد- بالتأكيد تهز النظام.
يبقى سؤال: هل يستوعب النظام في البحرين الدروس، وهل يستوعب أن النار والحديد ليسا كافيين وغير قادرين على إنهاء الحركة الشعبية، وأنه كلما أمعن في الحل الأمني تناسلت الحركة، وأنْ لا خيار لديه غير الاستجابة لمطالب الشعب؟ وما حركة تمرد إلا استمرارٌ وإصرارٌ على تحقيق هذه المطالب، وأن الموعد لقريب.
*باحث بحريني في علم الاجتماع.