حمد آل الثاني والبحرين: التداخل القطري المستمر: خلية قطر، نقل الأسطول الأمريكي، "معهد بروكنغز"، وقناة "الجزيرة" (2-2)
2013-06-27 - 7:22 م
مرآة البحرين (خاص): ومن أهم محطات التداخل القطري في قضية البحرين، ما بعد ثورة 14 فبراير، هي قضية "خلية قطر"، التي ظهرت إلى العلن في نوفمبر/تشرين الثاني، فقد نسبت الداخلية البحرينية إلى السلطات القطرية أنها حققت مع بحرينيين على الحدود القطرية السعودية واتهمتهم بإنشاء تنظيم للقيام بعمليات إرهابية مسلحة بالبحرين.
وقدمت الداخلية "الشكر الخالص" من السلطات الأمنية البحرينية إلى نظيرتها القطرية على ما سمته "تعاوناً بناء" عبر "جهودها" في ضبط هذه الواقعة، ما اعتبرته تجسيدا للتكامل الأمني بين دول مجلس التعاون.
إلا أن الجهات القطرية لم تعلق حينئذ سواء بالنفي أو التأكيد، في حين أشارت أنباء غير مؤكدة لاحقا عن خلاف بحريني قطري حول هذه المؤامرة المزعومة، وعزت الأنباء الصمت القطري إلى تفاجؤ قطر بزج اسمها في هذه الفبركات، في حين أشيع بأن القطريين كانوا على وشك التعليق بنفي ما قيل على لسانهم قبل يومين، إلا أن تدخلات من أعلى المستويات أوقفت ذلك.
فيما نسب للسفير القطري في بريطانيا بأنه ليس لديه علم بوجود خلية إرهابية سلمتها قطر للبحرين، وأن كل ما في الأمر بأن هناك موقوفين في قطر بسبب شجار وقع في "الحدود القطرية البحرينية" سلمتهم السلطات الأمنية القطرية للبحرين برغبة منعهم من دخول قطر.
وخلال محاكمة المتهمين، كشفت مصادر لـ"مرآة البحرين" أن محاضر التحقيق مع المتهمين في دولة قطر لم تكن موجودة ضمن ملفات النيابة العامة أو ضمن ما تستند عليه في تحقيقها!.
معهد "بروكنغز" في قطر
وحظيت التقارير التي نشرها فرع الدوحة لمعهد "بروكنغز" الأمريكي للأبحاث الاستراتيجية عن البحرين على اهتمام وسائل الإعلام الدولية والمراقبين، بخلاف تأثيرها على صناع القرار السياسي في الدول الكبرى، ما أثار حفيظة الحكومة البحرينية ومواليها، ليتعرض المعهد إلى هجوم الصحف الموالية للنظام.
وتهتم وكالات الأنباء والصحف الدولية برأي مدير الأبحاث في معهد بروكنغز (الدوحة) والمحللين السياسيين فيه حول البحرين، وتقتبس تصريحاتهم عادة في التقارير الإخبارية التي تنشر عن البلاد، كما نظم المعهد أكثر من ندوة سياسية عن البحرين، فيما رفض رؤساء الجمعيات الموالية للنظام المشاركة فيها وهاجموها.
واتهمت كاتبة في صحيفة أخبار الخليج دولة قطر بتغطيتها على "الأنشطة المشبوهة تجاه البحرين على أراضيها" مشيرة إلى نشاط معهد بروكنغز والذي قالت إنه "يبث السموم حول البحرين ويشكك في كل إنجازاتها، ويقوم بإثارة الشكوك حول ما يجري فيها وتشويه الأوضاع بها بناء على معلومات لا أساس لها من الصحة" وتساءلت الكاتبة "ألا تستطيع قطر أن يكون لها رأي تجاه ما يجري على أرضها ويشوه صورة دولة جارة على وشك الاتحاد بها ويثير النزعات والفتن ويسبب القلاقل، ويعرقل الجهود الهادفة إلى خير البلاد والعباد؟".
يذكر أن رئيس الوزراء القطري (المقال) حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني يرأس مجلس المستشارين الدولي التابع للمعهد (فرع الدوحة)، وتنشط في قطر فروع لمراكز بحث أخرى اهتمت بقضية البحرين مثل المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن RUSI، ومنتدى العلاقات العربية والدولية.
موقف قطر من الاتحاد الخليجي
وبعد مأزق ثورة 14 فبراير الذي لا زال النظام البحريني يواجهه، أثيرت زوبعة مفاجئة حول نية تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد كونفدرالي بين دوله الست، ورغم عدم صدور بيانات رسمية واضحة من جميع حكومات الدول الخليجية حول هذه القضية، إلا أن تقارير تحدثت عن انقسام حاد في وجهات النظر بينها نتج عنه معارضة 3 دول للمشروع أو حتى مناقشته.
لكن قطر كانت بحسب تقارير صحافية من بين الدول الثلاث المؤيدة، حيث أبدت إيجابية مبدئية حيال المشروع، إلى جانب البحرين والسعودية، وقال مستشار ملك البحرين نبيل الحمر إن قطر دعمت المشروع دعما كاملا على أمل أن يصار إلى توقيع ميثاق الاتحاد قبل نهاية العام 2012.
إلا أن وكالة أنباء رويترز نقلت عن مصدر قريب من الحكومة القطرية قوله إن الدوحة ترى في سعي السعودية للاتحاد مع البحرين "طريقة سعودية لتقويض العلاقات الثنائية بين دول الخليج وفرض جدول أعمالها عليها" وهاجم كتاب قطريون ومحللون سياسيون دوليون مشروع الاتحاد واعتبروا أن قطر لا تحتاجه.
نقل الأسطول الأمريكي الخامس إلى قطر
وقد دارت شائعات عن عزم الإدارة الأمريكية نقل مقر الأسطول الخامس من البحرين إلى قطر أو الإمارات، وقد نفت قطر أن يكون توسيع أحد موانئها هو تمهيد لهذه الخطوة، إلا أن صحيفة "التايمز" البريطانية رأت أنه من المحتم أن معركة مناقصات شرسة ستنشأ بين دولة الإمارات وقطر من أجل استضافة الأسطول حالما تعلن واشنطن قرار نقله، واعتبرت أن ذلك سيشكل خسارة هائلة إلى البحرين والسعودية.
ثورة البحرين وقناة الجزيرة: انعكاس السياسة القطرية الملتبسة
أما قناة الجزيرة، السلاح الإعلامي الضخم لسياسة دولة قطر وأميرها المستقيل، فقد حاولت تسليط الأضواء بين حين وآخر على قضية البحرين، وإن باستحياء وبشكل متقطع ومفضوح، وفي حين كانت تتلقى الكثير من الشتم والسباب من قبل موالي النظام الذين هاجموها واتهموها بمساندة الثورة "الشيعية" في البحرين حسب وصفهم، إلا أنها صارت تتلقى ردود فعل معاكسة لتجاهلها شبه التام الحراك السياسي في البحرين وأحداثه المستمرة يوميا حتى الساعة.
وقد راجت أنباء عن تقديم عدد من المذيعين استقالاتهم من القناة بسبب تحيزها في الملفين البحريني والسوري، كما رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن تغطية الجزيرة للانتفاضات التي هزت الشرق الأوسط وخاصة الدول البعيدة عن الخليج كان محايدا، لكن عندما دخلت الانتفاضة منطقة الخليج وخاصة البحرين تغيرت الأمور، وأصبحت التغطية غير محايدة تماما ولا تمت للمهنية بصلة، وهو ما أثر في مصداقية القناة وجعل البعض يتحدث عن أن البحرين أسقطت "الجزيرة".
سياسة قناة الجزيرة تجاه قضية البحرين كانت انعكاسا واضحا لسياسة دولة قطر، سياسة ملتبسة وغير مفهومة ويمكن أن تتغير وتعود قبل أن تتغير مجددا، دونما الحاجة إلى أي تبرير أو توضيح أو حتى فهم!
في 13 فبراير/شباط 2011، بثت قناة الجزيرة خبرا عن اقتحام مأتم في منطقة "كرزكان" في أول مواجهات أمنية عشية دعوات إلى مظاهرات حاشدة في 14 فبراير/شباط ضمن مد "الربيع العربي". كان ذلك خبرا مبكرا استبشر به أنصار المعارضة في البحرين.
ووضعت الجزيرة البحرين في خارطتها لثورات "الربيع العربي" على موقعها في شبكة الإنترنت، كما أن لقاء مثيرا جمع الشيخ علي سلمان وعضو مجلس الشورى وقتها صلاح علي (وزير حقوق الإنسان حاليا) في برنامج بثته الجزيرة من البحرين تحت عنوان "حوار المنامة".
ظلت قناة الجزيرة تتابع الملف البحريني بصورة وبأخرى، ومع بداية فترة الطوارئ ظهر العديد من رموز المعارضة على القناة مثل أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان ومعاونه خليل المرزوق، الذي طالب في أحد اللقاءات بحماية دولية للبحرينين بعد حملة القمع المكثفة التي بدأت ضدهم.
وبعد أيام من تصريحات رئيس الوزراء القطري (المقال) واشتداد حملة القمع في البحرين، تغيرت السياسات الإعلامية لقناة الجزيرة، وغابت قضية البحرين وكل أحداثها الكبيرة خلال فترة الطوارئ عن التغطيات الإعلامية وكذلك التصريحات السياسية، ما عدا بعض الأخبار المتفرقة.
وفي بداية فترة الطوارئ، اتصلت القناة بالنائب السابق هادي الموسوي لسؤاله عن الأوضاع في البحرين، لكن المذيع قطع الاتصال واتهمه بالمبالغة.
ورغم إشارات ضيف الجزيرة الدائم المفكر الفلسطيني عزمي بشارة إلى البحرين في حديثه عن الثورات إلا أن فيديو مسرب كشف عن تذمر بشارة من سؤاله عن البحرين كونه سؤالا حساسا في ظل سياسات قطر ودول الخليج اتجاه الثورة هناك، وحدثت مشادة بين الأكاديمي أسعد أبو خليل ومذيع قناة الجزيرة بعد اتهامه بأنه لم يسأل عن قضية البحرين.
أهم البرامج التي بثتها قناة الجزيرة، حلقة ساخنة في "الاتجاه المعاكس" ضمت القيادي المعارض خليل المرزوق وعضو مجلس الشورى وقتها سميرة رجب (وزير الإعلام الحالي).
كما استضاف الإعلامي الخليجي علي الظفيري النائب السابق علي الأسود في برنامجه "في العمق" واستضاف مرة أخرى أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان.
واستضيف خليل المرزوق في إحدى حلقات برنامح "حديث الثورة"، كما عرضت تقارير مفصلة عن بعض الأحداث التي حازت على تغطيات إعلامية دولية واسعة مثل مظاهرات مارس/آذار 2012 وتظاهرات الفورومولا 2012 وإضراب الخواجة عن الطعام.
أما أكثر ما أثار حكومة البحرين على قطر، وجعل وزير الخارجية البحريني يخرج عن الأعراف الدبلوماسية ويهاجم حكومة قطر علنا في حسابه على تويتر، هو البرنامج الوثائقي الشهير "صراخ في الظلام" الذي أعدته قناة الجزيرة الإنجليزية في 2011، وقد أعاد هذا البرنامج التراشق الإعلامي بين الصحف القطرية والبحرينية وبدأت بعض المقالات لكتاب قطريين تهاجم سياسات البحرين وتعاملها مع الحراك المعارض مجددا.
وبدا واضحا الفرق بين تغطيات قناة الجزيرة الإنجليزية والبرامج التي أعدتها عن البحرين، ونظيرتها في القناة العربية، فقد أعدت الجزيرة الإنجليزية العديد من الوثائقيات والحوارات حول البحرين، وقامت بتغطية الكثير من الأحداث السياسية في البلاد بشكل مستمر، كما التقت عديدا من الناشطين والقياديين في الحراك السياسي، ولم يعترض مقص الرقيب كلام أي منهم.
هذا الفارق قد يدخل أيضا ضمن السياسة الغريبة لدولة قطر في قضية البحرين، وما سواها من ملفات دولية!